صوت مؤذن الرشيد يشق صمت غروب رمضاني من صيف 2009. يروي هذا الصوت عطش سكان المركز الإداري البعيد فى أقصى تجمع آهل بالمواطنين فى شمال ولاية تگانت.
ينتظر الكل سماع هذا الصوت؛ إنه بمثابة دعوة مفتوحة للفرح وإيذان بنجاح تكملة يوم صيام فى بيئة شديدة القساوة واللطف الإلهي.
تختزل حنجرة المرحوم مطّار ولد أحمد زين قرونا من شجن الرشيد؛ بصمته الصوتية خالطت وجدان كل من سكن الوادي؛ ولبى ندائه الجميل للصلاة .
صوت يعانق بحنان عجيب آذان الصائمين المتلهفين لسماع أذان المغرب .
أبصر المرحوم مطار النور فى منتصف ثلاثينيات القرن الماضي فى وادي الرشيد ومنذ بواكير حياته ظل الفتى مضرب مثل فى الأخلاق والود والطيبة. عايش تحولات كبيرة شهدها سكان ( قصر الرشيد) كان فيها فاعلا مركزيا فى كل جوانبها .
لم يكن الراحل مطّار مجرد مؤذن ينادي الى الصلاة فى المسجد العتيق الذي قضى فى جنباته أكثر مما قضاه فى بيته المعلق فى خاصرة المدينة التى تحرسها أربعة جبال .بل كان ركنا منيعا فى تثبيت النسيج المجتمعي لمدينة بنيت على أسس الحب والتعايش والإحترام.
كان حضوره الجميل بمظهره الوقور وعمامة رأسه المميزة فى منتصف الصف الأول خلف إمام الجامع ملالي ولد ودادي يُكمل لوحة الجيل الذهبي لمدينة تضبط إيقاع حياتها على الصلاة .
كان رمضان 2009 فرصة ذهبية للقاءات لا تُقدر بثمن بشيخ المؤذنين المحب للنبي صلى الله عليه وسلم .صمت رمضان فى جنبات الوادي ورغم صعوبة الطقس وواقعيته المفرطة؛ كانت حواراتي مع والدي مطًار تُخفف عني وطأة العطش والحر الشديدين .
رحمة الله على روح مطًار ولد أحمد زين صوت أذان مسجد الرشيد العامر بالمحبين والطبين والنساك والزهاد.
توفي الراحل فى مارس 2022 ووري الثرى فى مقبرة الرشيد؛ رحمات ربي على روحه الطيبة.