وجهه الشاحب يختزل مرارة عطش اليوم؛ ظلال أرق تركت هالات مظللة تحت عينيه ، ورغم ذلك ها هو صديقي يستقبلني بابتسامته المعهودة؛ مزيج الود الصادق المنقوع بطيبة أبدية وراثية .
ينتمي سليمان لبلدية مغمورة فى أقاصي الخريطة؛ ومنها قدم ذات صيف يبحث عن عمل للإبقاء على حياة والدته وأشقائه هنالك؛ حيث ظلوا يحرسون المزرعة التى لم تشهد حصادا منذ جفاف السبعينات؛ لكن طيف والدهم يستحق عليهم أن يبقوا بالقرب من روحه التى أسلمها فى عام ” لرظه”.
من (بوليكلينك )بدأ سليمان مهمته المستحيلة؛ ماسح أحذية وملمع صنادل افريقية وفى أوقات فراغه يفتل من خيباته حبالا يرسلها لأهله عساها تنفعهم فى نكد الحياة القاسية
ترسم ملامح سليمان خارطة وجع وطن يقتات على كدح سليمان ورفاقه؛ بالأمس قال لي إنه زار المطار القديم لشراء حاجيات رمضان؛ وابتسم بخبث محبب يبدو أن أسعاركم فى التلفزيونات ليست كما هي فى الواقع !!
كل شيئ صعد سعره الى السماء؛ لم يرحمنا تجارنا؛ ولم يشفع لنا رمضان .
وبمرارة ختم قوله :
الحمد لله على فسحة جسر الرياض التى انهكت العيال هذا المساء؛ فلن يتذكروا السؤال عن حاجيات رمضان التى كانوا ينتظرونها مني.