تعتبر المركزية لشراء الأدوية والمستلزمات الطبية CAMEC
من أهم المؤسسات الوطنية ذات الدور المحوري فى قطاع الصحة ذلك انها مؤسسة حكومية معنية باستجلاب الأدوية والمستلزمات الطبية يراد منها إمداد السوق المحلية بادوية تجمع إلى الجودة معرفة المصدر والفعالية
منذ تعيين الدكتورة فضلى الصادق على راس المؤسسة حاولت قدر الإمكان تطوير المؤسسة وإحياء دورها ومسؤولياتها وصلاحياتها
اهتمت المديرة بداية باقتناء مجموعة سيارات خاصة بنقل الأدوية فى ظروف مثالية تبريدا وحفظا وتخزينا فالكل يعرف كيف كانت المؤسسة توزع ادويتها فى شاحنات وباصات وسيارات تفتقر لأدنى درجات السلامة المطلوبة
ثم بادرت بعقد اتفاقات مع بعض المؤسسات النظيرة ومخابر ومصانع الأدوية فى دول شقيقة وصديقة لضمان تموين سوقنا بأدوية معروفة المصادر موثوقة الجودة
ومن يعرف CAMEC لابد أن يعود إلى تاريخ طويل عاشته مع الفوضى والفساد الإداري والمالي ولذلك فإصلاح أوضاعها يتطلب وقتا للتغلب على اختلالات بنيوية فى تقنين عمل ومسؤوليات وصلاحيا المؤسسة ومجالات تدخلها
وجدت المديرة أمامها ظروفا بالغة الصعوبة تشل عمل المؤسسة منها مثالا لاحصرا
- تراكم ديون لم تبذل الإدارات السابقة أي جهد فى قضائها أو حتى فتح” كرنتها”
- ضعف وأحيانا توقف عمليات الصيانة والترميم فى عنابر ومخازن حفظ الأدوية وآليات وتجهيزات المؤسسة
- تحويل الكثير من العمال إلى المؤسسة دون حاجة إليهم خاصة وأن التخصص لايراعى عند تحويلهم ليصبحوا عبئا ماليا على ميزانيتها دون أن تكون لهم مردودية عملية
- سوء سمعة سوق الأدوية المحلية بسبب الفوضى وغياب الرقابة ماجعل بعض الشركاء يتوجس خيفة من التعامل مع المؤسسة مع ضبابية صلاحياتها ومجالات تدخلها
- كونCAMEC يتيمة فى مأدبة لئام القطاع الخاص الذى يملك أكثر من15شركة لتوزيع الأدوية طالما اربكت بعضها السوق وضخت فيها أحيانا ادوية مجهولة المصادر وسودت وجهها بفوضى عارمة فى إدخال الأدوية حتى المغشوشة بأية طريقة متاحة
- تضييق هامش تحركCAMEC والزامها باستيراد بعض وليس كل الأدوية المسجلة محليا وترك يدها مغلولة مقابل بسط يد القطاع الخاص كل البسط فى السوق المحلية
- تعرض المؤسسة لمؤامرة خنق من طرف مستثمرين وموزعين وموردين وممونين خصوصيين ضمن منافسة غير متكافئة ثم إنها غير شريفة أيضا
تلك العوامل وغيرها اثرت سلبا فى أداء CAMEC ماجعل المديرة الجديدة تحاول انتشالها بخطوات متسارعة مع الأخذ بعين الاعتبار الحاجة ل” تقطير” الإصلاحات بهدوء ولكن بعزم
واليوم تم الالتفات الى” كرنة الدين” وقضت المؤسسة جزء كبيرا من الديون وعلينا أن نتذكر أنها مؤسسة للدولة يرتبط أي عمل تقوم به بمساطر إجراءات إدارية مالية قانونية طويلة عريضة ومقيدة ببيروقراطية هرمية وراثية
ولقد تحسنت ظروف عمال المؤسسة وعلاقاتهم بالإدارة وقطعت اشواط فى سبيل ضبط سوق الأدوية واستعادة المؤسسة لشخصيتها وصلاحياتها ودورها
صحيح أن المؤسسة كغيرها من مؤسسات الدولة ليست كاملة الأوصاف وتعانى نواقص واختلالات قد يتطلب إصلاحها وقتا لكن المديرة الجديدة تعمل دون كلل على إعادة المؤسسة لسكة الإصلاح بهدوء
وهي من جيل جديد من الأطباء قد تربكهم فضفصة المسؤوليات الإدارية لكنهم يقينا يتعففون عن المال العام ويحاولون ترك بصمة إصلاح على المؤسسات التى يتولون إداراتها
وبطبيعة الحال سيظل للمديرة أعداء يهاجمونها لاعتبارات سياسية أو قبلية أو جهوية أو ” ابتزازية” كما سيظل بعض المنصفين( من خارج حزب الإنصاف) يقدرون جهودها المعتبرة للنهوض بمؤسسة وجدتها غارقة فى بحر لا ساحل له من الفوضى والتسيب والفساد