عرفت أحمد ولد داداه عن قرب لدى عودته إلى البلاد بداية التسعينيات من القرن الماضي.. ارتبطنا بعلاقة احترام متبادل (صحفي مستقل وزعيم سياسي) لكنها اتخذت أيضا طابع الصداقة..
تخللت علاقاتنا أزمات بسبب تقاريري الصحفية، ووصلت العلاقة ما يشبه القطيعة بعد مشادة كلامية تبعت سؤالا طرحته خلال مؤتمر صحفي له،اعتبرت فيها أنه أساء إلي، واعتبر هو ما هو أدرى به..
فشل أصدقاؤنا المشتركون – وكانوا كثرا- أن يجمعونا.. قلت لهم ألا يتعبوا أنفسهم فأنا وأحمد لسنا مضطرين للصداقة… وتغطياتي الصحفية لن تتأثر أبدا بعلاقاتي الشخصية به.. وبلغني أيضا أنه هو صمم على ألا يعتذر..
وجاءت الفرصة فقد حظر نظام الرئيس معاوية ولد الطايع حزب ولد داداه بعد الحادث بقليل وجاءت تغطياتي لـ “بي بي سي” و”الحياة” و”آسوشيتد بريس” بالطريقة نفسها المتوقعة من أي صحفي مهني لا علاقة لها بالمواقف الشخصية.. وحاول أصدقاؤنا مجددا من دون فائدة.
وحينما منعني النظام نفسه من الكتابة ساحبا الترخيص الذي أعمل به في محاولة لكسري بالجوع، وقف معي ولد داداه وحزبه وضمَّن الحزب بيانه فقرة تقول: إن ” مهنية عمله تسبب له مشاكل مع مختلف الأطراف بما فيها حزبنا”.
وللتاريخ أذكر أنني شعرت بقدر كبير من الرضا حينما التقت شخصيات من المعارضة والنظام في بيتي للإعراب عن التضامن.
بعد أعوام قال لي صديق مشترك إن “الرئيس يقدرك كثيرا ويرغب في أن يلتقي بك”، فقلت له أن يبلغه أني أتشرف باللقاء.. أمضينا بعض الوقت معا في بيته، ولم نعد إلى “الحادثة” تلك.. تبادلنا الآراء بشأن الوضع في البلاد وكانت مقبلة على انتخابات.. وظللت بعيدا عن الرجل إلى الآن… ربما لأنه (في كل منا “طشة” من الآخر).
لا أتفق مع ولد داداه في الكثير من طرحه السياسي، ولا في أسلوبه لتحقيق أهدافه، لكنني أشهد للرجل بالصراحة والشجاعة في قول رأيه، وبالطيبة التي أقول أحيانا إنها لا تناسب سياسيا بحجمه.. وأحيي فيه “الكبرياء” وعزة النفس.. والمضي من دون كلل في طريق ما آمن به..
270