على نحو سريع؛ هذه كلمات ضرورية بشأن التحول السياسي الجديد إثر الفوز الذي أصبح في حكم المؤكد لمرشح المعارضة في السنغال السيد Bassirou Diomaye FAYE .
أولا ؛ لا شك أننا كدولة وشعب مجاور للسنغال نرجو للسنغال من الخير ما يرجوه له شعبه …وهذا ليس من باب التمني فقط بل موريتانيا والسنغال شركاء وبشكل أعمق مما يتصور البعض، في صيانة سلمهم وحاضرهم ومستقبلهم المشترك .
– وتستند هذه المسؤولية إلى معطيات موضوعية وحقيقية بشأن هذه العلاقة، التي تقوم على المعطى الجغرافي العنيد من جهة، بحيث لن تنام إحدى دولنا وتصحو على رحيل البلد الآخر من الخريطة .
– فضلا عن تاريخ إنساني مشترك وغني جدا ومصالح وعلاقات روحية وعلمية واقتصادية عميقة، وبناء على هذه الحقائق؛ فإن قدر بلدينا هو العمل المشترك على مزيد من علاقات حسن الجوار ، والحرص على تبادل المنافع وتشجيع الحوار الدائم ، وتنظيم الخلاف الذي قد يطرأ من وقت لآخر -لأسباب موضوعية أو تدخلية من هنا أو هناك- بعيدا عن التدخل في القضايا والأوضاع الداخلية لبلدينا ، ولن يكون هذا إلا بزيادة وتيرة تشبيك العلاقات في مختلف جوانبها السياسية والتنموية؛ والتي على رأسها ( ملفات التعاون الثنائي والإقليمي في مجالات السلم والأمن / المياه /الطاقة والغاز / والرعي والصيد / والتبادل التجاري …) .
– لذا ستبارك بلدنا مطلقا للشعب السنغالي نتيجة خياراته مهما كانت .
ثانيا : ما حدث في السنغال هو أمر عادي جدا؛ وقد حدث من قبل ، فالسنغال لديها تجربتها المدنية والديموقراطية الغنية في الحكم والتداول عليه ، والتي هي تجربة ليست وليدة الصدفة. وإنما لها بذورها وسياقها المعلوم ، وبالتالي هذه النتيجة كانت متوقعة، وتناسب حجم تضحية الحراك السياسي للشباب السنغالي، وزيادة وتيرة وعيه بقضايا الحكم في بلاده. والذي سيستلم الحكم في دولة نامية وعصرية لها مؤسساتها العتيدة، ولن يظل – في تقديري- الشباب الوافد إلى الحكم، رهين خطابات الحملة الانتخابية؛ لا فيما كانت تطرحه داخليا أوخارجيا تجاه بلدنا أو بلدان أخرى، فللواقع الداخلي والخارجي إكراهاته الواقعية. التي أتوقع أو أرجو أن يسعفهم ذكاءهم وحيويتهم، في قراءتها قراءة صحيحة وسريعة، لتفادي أخطاء قلة الخبرة أو الميول الإيديولوجية.
ثالثا : هل هناك علاقة تأثر أو تأثير بين الوضعين السنغالي والموريتاني سياسيا؛ لا شك أن هناك ارتباط ما، في المسألة السياسية ” الشق الديموقراطي والانتخابي”؛ بين ما يحدث في السنغال سياسيا وموريتانيا، نتيجة اهتمام الرأي العام والتاريخ المشترك ووسائل التواصل والتشابه البنيوي بين الشعبين في بعض الجوانب الثقافية والتنموية، ولكن المتبصر بالشأنين والتجربتين لبلدينا في الحكم والسياسة، يدرك “حدود أو محدودية” هذا الارتباط والتداخل !
– من يتابع الرأي العام الموريتاني ، يجده بين: -مشفق يضرب حسابا خاصا لمخاوف ما – في نظري الشخصي- غير مطروحة ، وإن كان الحزم واليقظة في التحليل والتوقع أمر مرغوب دائما.
– وبين معجب برياح الانتخابات، التي تأتي بالشباب إلى الحكم! ويمنى نفسه انتقال العدوى إليه. ولا مشاحة في أن نسبة الشباب في موريتانيا ومزاجه العام، تغرى بمثل هذا التمني ، ولكن هذه الأغلبية العددية الكبيرة المسماة شباب هي “شوابين في جلود شباب”؛ خاصة لمن يعرف عقليتهم وتصوراتهم وانتماءاتهم، التي تمثل ميولهم وتحيزاتهم الحقيقية، والتي تساهم بالعمق في حراسة التقليد.
– ويبقى الأمل في أن يحاول هذا الشباب تنظيم نفسه، بشكل يجعله أكثر قدرة على الانخراط الفعلي في قضايا وطنه؛ سلما ووئاما وتنمية، وأن يعي المجتمع وكذا السلطة والمؤسسات الحزبية لدينا، مخاطر الجمود السياسي وعدم إشراك الشباب وفتح الباب أمامه، لتأمين مستقبل البلاد وضمان إزدهارها، بعيدا عن الحسابات الضيقة المتعلقة بصراع الأجيال بدل تعاونها وتناكرها بدل تعارفها .
والله من وراء القصد
السعد بن عبدالله بن بيه.
رئيس مركز مناعة الإقليمي لليقظة الاستراتيجية