لم يكن الشيخ محمد المامي في العلم طلبا وعطاء بدعا من محيطه القبلي والاجتماعي ولا من جيله الشنقيطي، فقد كانت سوق العلم رائجة في القرن والمكان الذي أنجب الشيخ محمد المامي، لكنه امتاز بأنه جمع معارف عصره وزاد عليها بنبوغ عقلي وإشراق روحي وعطاء لدني جعله واحد عصره، بل جعله بمعنى من المعاني “حيرة العصور والمداد” من بعده، فما زال تراثه الثري ميدانا للبحث والتفسير، وما زالت نفحات علمه جاذبة للعقول والأقلام في حوار متواصل بقلم الاستقصاء والتحليل والتأويل في شروح وحواش ونقاش متواصلة حول شخصية وآثار الشيخ المامي.
ويمكن اعتبار الشيخ ملتقى بحري الشريعة والحقيقة في الفضاء الشنقيطي، وما زالت شواطئ ملفاته قبلة السائح ومستراد صيادي المعاني، ممن شغفتهم “دلفينيات” علمه، وأبهرتهم قدرته على “إدخال البحر في الغدير”.
نجل العلماء.
ينتمي الشيخ محمد المامي إلى الأسرة الباركية ذات التراث والتقاليد العلمية، وقد تسلسل العلم والصلاح والورع في هذه الأسرة ومن أجلاء علمائها الشيخان مسكه بن بارك الله فيه. وشقيقه عبد الله، وأخوهما مولود، وكان للأول علاقات علمية وروحية معروفة مع الزاوية الدرعية في المغرب ومع علماء جيله.
وكان جده حبيب الله بن بارك الله من أجلاء العلماء وترك كلمة العلم باقية في عقبه من بعده، وكان والده البخاري رجلا من أهل الفضل والصلاح، فنشأ معما مخولا في العلم والفضل، قابسا من ذؤابتي آل بارك الله، فأمه مريم بنت محمود بن عبد الله بن بارك الله فيه، وأمها مَامِنُونَة بنت الفاضل بن بارك الله فيه، وفي ذلك مرعى لعين العلم ومجر عوالي المعارف المحظرية ومجرى سوابق الفضل والصلاح.
وكان لسيدي عبد الله بن الفاظل، دور كبير في تربية وتوجيه معارف الشيخ محمد المامي، ويذكر الشيخ محمد المامي أنه سأل خاله عن مسائل علمية وهو يومها في التاسعة من عمره، وهو ما يدل على نباهة وتوقد ذهن
وقد عرف الشيخ محمد المامي لأخواله آل الفاظل الباركيين قدرهم وأشاد كثيرا بمنزلتهم العلمية،
لِلهِ دَرُّ عُلُومِ آلِ الْأَفْضَلِ
وَزُلاَلِ تِشْلَ مِنَ الرَّحِيقِ السَّلْسَلِ
ضَرَبُوا عَلَى غُمْدَانَ وَالسَّيْفُ الذِي
فَتَحَ الْجُنُودَ كَأَنَّهُ لَمْ يُسْلَلِ
فَتَحُوا جُنُودَ الْعِلْمِ لَمَّا أَصْبَحَتْ
فيِ جِذْمِ تِيرِسَ دَارُهُ لَمْ تُحْلَلِ
أَشْفَقْتُ قَبْلَ الْيَوْمِ أَنْ يَبْقَى سُدًى
د ُرُّ السَّنُوسِي بَيْنَنَا وَالْأَطْوَلِ
أَخْوَالُ صِدْقٍ غَيْرَ أَنَّ حَفِيدَهُمْ
يَسْلُو بِهِمْ عَنْ أَهْلِهِ وَالْمَنْزِلِ
وَيُحَفُّ زَائِرُهُمْ وَطَالِبُ عِلْمِهِمْ
بِسَوَابِغِ الْإِنْعَامِ غَيْرَ سَفَرْجَلِ
أَدْعُو بِطَلْبَقَةٍ وَدَمْعَزَةٍ لَهُم
آمِينَ مَا دَامَتْ ذَوَائِبُ يَذْبُلِ
وقد سمي الشيخ محمد المامي على اسم الشيخ المامي عبد القادر والي بوصياب، وكان مولده في حدود 1202 هجرية بمنطقة آراش أعمر في تيرس الحالية، وللشيخ محمد المامي أخ اسمه عبد العزيز، ويؤثر أنه كان قادريا مربيا وله كتاب في أوراد الطريقة القادرية.
ولا يعرف الكثير بشكل دقيق عن طلب الشيخ محمد المامي ولا يوجد مسرد دقيق لأشياخه ومن أخذ عنهم، والناس في طلب الشيخ محمد المامي للعلم على فريقين أحدهما يرى في موسوعيته ونبوغه فتحا لدنيا ولا يقال لفضل الله بذا بكم، ويرى طرف آخر أن الشيخ محمد المامي أخذ على بعض علماء عصره، وخصوصا أخاه عبد العزيز وخاله سيدي عبد الله بن الفاظل، ونهل من مكتبة هذا الأخير، وأعانه ما وهبه الله من ذكاء خارق وحافظة نادرة، وطريق الجمع بين الرأيين أو الرواية غير مستعص، فكل ذلك فضل الله في خوارق العطاء من غير طلب وفي التوفيق للطلب وتسيير آلته من ذكاء وتوقد ذهن وهمة ورحلة علمية ومطالعة ومذاكرة
ومما يؤثر في مسيرة الشيخ محمد المامي إقامته فترة طويلة في بلاد السودان الإفريقي وخصوصا منطقة فوتو، قبل أن يعود إلى بلاده بعد أن وصلته رسالة شعرية من أحد أعيان مجتمعه وهو سيدي بن محمد مولود بن الحاج، ولبى الشيخ محمد المامي الدعوة المذكورة، وتدفقت إليه وفود طلاب العلم والتربية والتأم عليه شمل طلاب المسائل ورواد الإشراق الإيمانية، وانطلق مداد علمه مؤلفا وشارحا وناظما ومفتيا ومصلحا.
وقد ارتكزت حول الشيخ محمد المامي ما يمكن اعتباره حضارة علمية وسوق عطاء معرفي غير كاسد، وظل لسان الدين ويد الحقيقة وبحر المعارف طيلة حياته التي لم تزد على 76 سنة، حيث توفي سنة 1282 هجرية ودفن قرب جبل “أيق” بتيرس، وقبره مشهور يزار ويتبرك به.
وقد أخذ على الشيخ محمد المامي عدد كبير من العلماء ومن أشهر تلامذته
أبناؤه
– الشيخ أحمد يعقوب بن محمد بن ابن عمر الباركي (ت:1303هـ)
– الشيخ محنض أحمد بن حبيب الباركي
– الشيخ المختار بن البرناوي الباركي.
– الشيخ أحمد بن عبد الله بن عبد الدائم الباركي.
– الشيخ محمد الأمين بن امَّيْن المختاري اليعقوبي.
– الشيخ عبد الله العتيق بن حمى الله اليعقوبي.
– الشيخ عبد الله العتيق بن عبد الوهاب اليعقوبي.
– الشيخ محمذن (ابُّو) بن محمد الامين الألفغي.
– الشيخ سيد أحمد (المعروف بالجكاني) بن الشيخ بن الإمام البوحمدي المجلسي.
– الشيخ عبد الله بن عبد الدائم التاقاطي.
– الشيخ عبد القادر بن المعلوم الكنتي.
فاتح باب الاجتهاد.. وإمام فقه البادية
أخذ التجديد في المعارف وطرق التأدية العلمية ومعالجة الإشكالات العلمية، والسعي إلى التخريج الفقهي جزء كبيرا من اهتمام الشيخ محمد المامي، وشغل حيزا من مكتبه العلمية، وقد كان الشيخ محمد المامي سباقا في هذه البلاد إلى فتح باب الاجتهاد والرد على مغلقيه ومقيمي الأسوار أمام محاولات التجديد، وقد رد الشيخ محمد المامي بكتابه رد الضوال والهمل إلى الكروع في حياض العمل على كتاب الشيخ الإمام سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم طرد الضوال والهمل عن الكروع في حياض العمل.
وقد كان كتاب البادية نصا اجتهاديا مهما وربما سابقا في عصره، وفي ذهنية التفكير الفقهي عند معاصري الشيخ محمد المامي ومن سبقه، حينما بدأ ينظر لفقه خاص في البادية مختلف عن فقه أهل الحضر الذي كان الصانع والمنتج لأبرز المدونات المالكية ومدونات الفقه الإسلامي بشكل عام.
وقد مهد الشيخ محمد المامي لآرائه في الاجتهاد بتسلسل منطقي، حيث رأى أن المفتين في عصره مجتهدون بمعنى من المعاني حيث يعربون عن رأي الفقه في مسائل وإشكالات من حياة أهل البادية لا نص فيها
بَقِينَا وَعَصْرُ الاجتهادات قَدْ مَضَى
فَمَا الرَّأْيُ إِن لَّمْ يُفْتِ فِينَا مُقَلِّدُ؟
كما كان صريحا في الجزم بفرض الاجتهاد على الأمة، ورأى أنه قام عن الناس بهذا الفرض بعد أن فرطوا فيه وألزموا أنفسهم بالتقليد المحض كما يقول في نونيته
سَلاَمٌ عَلَى الْقَرْنِ الأُلَى خَذَلُونِي
وَنَاطَحْتُ عَنْهُم مَّاضِيَاتِ قُرُونِ
بِتَأْدِيَتِي فَرْضَ اجْتِهَادٍ عَلَيْهِمُ
وَفَتْحِي لِأَبْوَابٍ لَهُ وَحُصُونِ
إحياء فقه السلطان.. و الدعوة إلى نصب الإمام
يعتبر الشيخ محمد المامي من الآباء العلميين وربما السياسيين بمعنى من المعاني لإقامة الدولة إلى في هذه الأرض السائبة أو المنكب البرزخي كما سماه، وقد كان له أدوار متعددة، منها مراسلات مع أئمة الدولة الإمامة في فوتا، ومع السلاطين المغاربة، وندبه علماء عصره إلى نصب الإمام وإقامة الحدود، ويمكن اعتبار هذا الجانب من آثار الشيخ محمد المامي سعيا عمليا لإقامة الإمام وشروعا فعليا في التأسيس للبنات الدولة أو النظام المركزي في هذا المنكب السائب، وقد عزز هذا السعي اهتمام فكري وإنتاج علمي بفقه السلطان ظهر في آثار الشيخ ومؤلفاته ومن ذلك نظمه للأحكام السلطانية للإمام الماوردي، وبهذا يمكن القول إن الشيخ محمد المامي كان جامعا بين سبق شنقيطي في علم السياسة الشرعية، وأداء فعلي لإقامة الدولة، وإذا اعتبرنا هذا المسعى امتدادا لمساع سابقة لعلماء موريتانيين بل ومحاولات سالفة – لم تكلل بالنجاح – لإقامة دولة الزوايا أو سلطة العدل والعلم، فإن الشيخ محمد المامي امتاز بدقة التصور وعمق الرأي والسعي إلى صناعة رأي جماعي محلي وسند استيراتيجي من خلال تعميق وتعزيز العلاقات مع الفضائين المغربي والسوداني الذين هما جناحا القطر الموريتاني
– طرق مجالات علمية غير مسبوقة في المحظرة الموريتانية: امتاز الشيخ محمد المامي إلى جانب تلك المجالات التي ميزت الشيخ محمد المامي فقد كان حامل لواء السبق والموسوعية في معارف لم تكن مطروقة أو على الأقل لم تكن واسعة الانتشار مثل علم الفلك الذي يمثل سندا أساسيا لبعض أبواب فقه العبادات، وكذا علوم الأسرار الروحية التي مثلت بالنسبة للشيخ محمد المامي شغفا خاصا، حيث أشرب حبها.
– وفرة التآليف ونوعيتها: امتاز الشيخ محمد المامي بوفرة التآليف كما وكيفا، وقد تنكب الشيخ محمد المامي طريق شرح المتون، وقد امتازت مؤلفاته بميزتين أساسيتين – كما يرى الأستاذ المعلوم بن المرابط الباحث المتخصص في تراث الشيخ محمد المامي- وهما سد الحاجة العلمية في عصره، والثاني خدمة العلوم الشرعية من خلال التآليف النافعة والمثرية والمقربة لعلوم الآلة الخادمة لأصول المعارف الشرعية.
– تقريب العلوم وتسهيلها: اهتم الشيخ محمد المامي بهذا المجال، مراعيا خصوصية البيئة الصحراوية، وما امتازت به من اهتمام بالنظام وتغليب للحفظ والاستذكار، وقد اتسع هذا الميدان عند الشيخ محمد المامي ليشمل تطويع البحور الشعرية التقليدية للفقه والسيرة النبوية والأصول والقواعد، وليطوع الرجز ليحمل معارف علمية واسعة، وليتجاوز إلى الأدب الحساني فيحمله من الميراث الفقهي واللغوي للمحظرة، وكذا الإشراقات الروحية رسالة خالدة، ما تزال تؤدي دورها في تقريب الفقه من الناس نخبة تسمو إلى درجات مؤلفات الشيخ محمد المامي وعامة تكرع في حياض تقريبه وتسهيله للمعارف الشرعية.
ومن أشهر كتب الشيخ محمد المامي:
الضوال والهمل إلى الكروع في حياض العمل
– كتاب البادية: كتاب فريد وهو اشبه ما يكون بالموسوعة التي لابد لكل قاض منه حتى في يومنا هذا، لما فيه من ضروب الفنون وغيرها وما فيه من ملاحظات العلماء، ويتحدث الكتاب عن بعض النوازل التي تخص المجتمع البدوي الشنقيطي مثل “ونگاله”..
الجمان
ـ الدلفينة وشرحها.
ـ الميزابية وشرحها.
ـ نظم مختصر خليل
ـ سفينة النجاة.
ـ صداق القواعد (نظم القواعد الفقهية) وشرحه:
ـ كتاب الإجماعيات
ـ الدولاب في المذاهب الأربعة والأربعين
ـ إدخالات البحر في الغدير: يتحدث الكتاب عن المذاهب الفقهية والاستغناء عنها بالكتاب والسنة وقد وصف الشيخ محمد المامي في هذ الكتاب المذاهب الفقهية زبدة الشريعة.
ـ وسيلة السعادة (نظم أهل بدر الكبير) وشرحه
– الشيخ الأجم والشيخ الأقرن.
– نظم ورقات إمام الحرمين
– نظم المباني: مخطوط بزاوية الشيخ محمد المامي.
– نظم المشاهير من الأفعال.
– نظم سلم البيان
– أنظام (في مواضيع متفرقة(
ـ نظم أهل بدر الصغير
ـ الديوان (الفصيح(
ـ الديوان (الحساني(
– الرسائل
– السلطانية: عدد فيها بعض مؤلفاته.
وقد أغنت تآليف الشيخ محمد المامي وآثاره وفكره البحث الأكاديمي في رسائل جامعية متعددة، وأطروحات في جامعات دولية وإقليمية
جودة الإبداع الشعري وتأثير النفس الأدبي: استطاع الشيخ محمد المامي تغليف الفقه والأنظام التعليمية بلبوس قشيب من روح الأدب وريحانه، وقد جعلت هذه الميزة إنتاجه العلمي ببريق أخاذ كسر رتابة النص الفقهي التقليدي، ليفتح بينه علاقات مع مختلف معارف العصر، ويصل من خلال الفقه أرحام الأدب والتاريخ والطرائف في تناص واسع مع معارف عديدة، ولم تخل بعض أنظامه وقصائده من إغرابات ما تزال ميدان بحث وموضع نقاش، ولسان حاله أو حالها: ويسهر الناس جراها ويختصم.
يقول الشيخ محمد المامي:
أدعوك يا خير مدعـــو ومامـــول ومستغاث ومرجــو ومســـــــؤول
دعاء مضصرب أعيـت مذاهبـــــه حسـا وحالا عن الأسباب معـزول
عوذا بربي من جدب ومن جـــرب ومن قنــوط وصيف غيـر مطلــول
ونعـمة في بساط الزهـر نا فــــرة من محل سخط من الجبار محلـــول
نيل الكريم جدير أن يفيض عـل تلك المحول ذوات العرض والطـــول
يامن يجيب دعاء المضطر كيف دعاء ويكشف السوء عن شعث الأرامــــيـل
أسبل علينا غيوثا منك غيث هــــــــدى وغـيـث ماء وغـفـران وتبـــــديــــــــــل
سترا جمــــــــــيلا على الزلات عودنا اياه حلـمـك والأظـفـار با لســـــــــــــول
تـــــجــــبرت ثلمات المومنين بـــــه والوحــش والنبت والأطـــــــواد والميــل
جبرا به تاخذ الأنعام زينتهـــــــــــــا والأرض زخرفها من بعد تعـطـيـــــــــــــل
بــــل أظهر الشكر منه كل ذي نكـــد من المواطن كا للا بات والـميـــل
لكن الجمادات يحكي شكر ألسنتها أقـوال ستـة أعــراب مـقـا ويـــــــل
كم بلدة ميت احيا ربنا بحيــــــــــا وازينت بريـــــاض ذات تكلــــــــــيل
مالت بفائح نشر المصطفى طربا صلي عليه مصفي كل مقبــــــــــــــول
زاوية الشيخ محمد المامي.. بحر معارف يسقي صحراء العلماء
ورث الشيخ محمد المامي أبناؤه الذين كانوا علماء جميعا وسادة وقادة تأثير علمي وروحي في مختلف أنحاء بلاد البيظان، كما بقيت كلمة العلم والأدب والصلاح خالدة وباقية في أبنائه وأحفاده من بعده، ومن أشهر هؤلاء الشيخ عبد العزيز الذي أسس “الزاوية” ومن بعده ابنه محمد الملقب اميه، وفي محيطه العلمي كان للشيخ أحمد يعقوب بن ابن عمر، وكذا الشيخ محمد الخضر بن حبيب حيث تعتبر هاتان المحظرتان وغيرهما امتدادا للدولة العلمية التي أسسها الشيخ محمد المامي
وقد بذلت أجيال متعددة من العلماء جهودا مختلفة في خدمة تراث الشيخ محمد المامي، وتضافرت جهود متعددة منذ سبعينيات القرن المنصرم، ومن تلك الجهود آثار وأعمال علمية متعددة للشيخ محمد بن أحمد مسكه حفظه الله تعالى، والشيخ يابه بن محمادي وبارك الله بن العتيق رحمه الله، وعبد الله بن سيدي آمين وأحمد بزيد بن عبد الله بن المامي وأحمد بزيد بن البخاري الذي كان له دور مؤثر في تأسيس زاوية الشيخ محمد المامي ونقل تراثه وإنقاذه وتهيئة كثير منه للطبع.
وتمثل زاوية الشيخ محمد المامي اليوم برئاسة الشيخ محمد المامي بن محمد بن عبد العزيز بن الشيخ محمد المامي المحضن العلمي والروحي الأهم لتراث شيخ علماء تيرس وإمام التجديد في العصر الشنقيطي، ومن بين الباحثين المتخصصين اليوم في تراث الشيخ محمد المامي وأبرز النوابغ المهتمين بتراث الشيخ المامي الفقيه الشاب الأستاذ المعلوم بن المرابط، الذي أعد بحوثا نوعية في مجالات مختلفة من مسارب الفقه ومنابع الأدب، في تراث الشيخ محمد المامي.
ولابد من الإشارة إلى ان بعض الانتاج العلمي للشيخ محمد المامي كان ومازال عصيا على الفهم
يقول الشيخ محمد الماني:
سبعون ألفا ومعانيها مائة كم فئة قليلة غلت فئة
الطول في الحروف مكدى يا أخي والعرض فيها ابجد هوز حطي
يقول القاضي أحمد شيخنا بن امات إن احد اعيان اهل بارك الله ، التمس من المختار بن حامد، شرح هاذين البيتين، لكن المختار اعتذر بعد ايام عن شرحهما، حيث لم يستطيع فهم المعنى المقصود منهما.
ملحق: مقابلة مع الشيخ بن حمدي بن الشيخ محمد المامي، حفيد الشيخ محمد المامي.
الفكر( بلنوار): دعا الشيخ ولد حمدي ولد الشيخ محمد المامي إلى منح عناية أكبر لتراث العلماء الافذاذ الذين خلدوا ذكر المحظرة الشنقيطية في عطائهم الموسوعي ،وفي غزارة علمهم من أمثال الشيخ محمد المامي الذي تميز بكثرة التآليف في مختلف الفنون ،وبتعدد عطاءاته العلمية والتربوية والفكرية.
وأضاف الشيخ في حوار خاص مع موقع الفكر أنه لم يتمكن حتى الآن من مقابلة الرئيس غزواني ليعرض عليه مقترحاته بهذا الخصوص.وهذا نص المقابلة
موقع الفكر: حبذا لو حدثتمونا عن العلامة الشيخ محمد المامي؟
الشيخ بن حمدي بن الشيخ محمد المامي: هو الشيخ محمد المامي بن البخاري بن حبيب الله بن بارك الله بن أحمد بزيد، ولد سنة 1208هـ، وعلى قول محمد الخضر بن حبيب الله أنه ولد 1202هـ، ويمكن القول إن العلم الذي حصل عليه هو علم لدني فلم يتتلمذ على شيخ وهو ما تواتر عليه الناس، وألف الكثير من المصنفات الغريبة منها “كتاب البادية” الذي يتناول أحكام البادية ونظم الشيخ خليل ولا أعرف إن كان نظم قبله أم لا وقدم له ترجمة مطلعها:
باليمن باسم الله والتتميم بلفظة الرحمن والرحيم
بقول ذو الفقر والاضطراري لرحمة المقتدر الغفاري
مُحَمَّدُ الَّذِي لَهُ الْمَامِي عَلَمْ إِبْنُ الْبُخَارِي بَيْنَ ضَالٍ وَسَلَمْ
الأَشْعَرِيُّ الْمَالِكِيُّ الْمَذْهَبِ أَلْمَغْرِبِيُّ الْبَارَكِيُّ النَّسَبِ
الحمد لله الذ قد نظما شمل الشريعة بقطب العلما
محمد العث ببير زمما لكل أسود وكل أحمرا
وأعطاه الله ما أعطاه، وهذه الكتب و التي جمع بعض شتاتها أحمد بزيد بن البخاري، وطبعت بعض الكتب كنظم خليل وكتاب البادية وسفينة النجاة وديوان شعري ومن هذا الديوان قصيدة “ندب السرور” وهي قصيدة مديحية، بمناسبة المولد الشريف:
ندب السرور لمعدن الأسرار سعد البشائر منبع الأنوار
شهر الربيع الأول انجابت به قطع الظلام عن أوجه الأقطار
مهدي عروس الكون درة نحره تاج المشاهد بغية النظار
قمر النبوءة غرة الأقمار نور البصائر قرة الأبصار
ياقوتة الأحجار من أبناء كن بكر الوجود لأول الأطهار
كشف الكروب مدار كل عظيمة حتى الشفاعة في برايا الباري
شمس الهدى في العالمين وإنه في العالمين يتيمة الأزرار
أمل النفوس أمان كل مروع مال العديم غمامة الأمطار
برء السقيم شفاء قلب المشتكي زهر السرائر حلة الأزهار
حب الغمام على الصفا لذوي الصدى وطلاء أجرب مهمل غدار
لوحي إلى ماء بجنة وجهه لا جنة الأشجار والأنهار
ماء تحير في أسرة وجهه حارت عليه حمامة بالغار
وغمامة حرى تقيه بوجهها حر التشرب منه بالإبشار
وكأنما مجنون ليلى أخيل جذع ينوح عليه من تذكار
فالمم على شعث إليك هدية أهدى إليك بها رماد النار
يصلح مراد الجنتين بفضلكم وتحرق النيران بالأنوار
فبأي عين تعن يقلب داؤها حسنا كعين قتادة الأنصاري
صلى الإله على النبي محمد والآل والأصحاب والأصهار
ما غردت ورق الحمام وجلجلت حم الغمام وفاح روض عرار
وقصيدته الأخرى التي مطلعها :
زبد البحر والغمام جفاء واليواقيت والنجوم سواء
كلّ در في قعرِ بحرٍ عميقٍ عرضيّ والماء هو الهواء
ولكل منها ضمائر أقصاـــــــــها مصابيح والقريبُ جفاء
والمعالي أصدافهن المعاني سوقها في القريب منها جفاء
سيما حلية المُصَلّي عليه حتما إن منه تذكر الاسماءُ
صلوات قد زوجت بسلاماـــــت عليه واختيرت الاكفاء
كيف يسطيع مدحكَ البلغاء ومن اللّه قد أتاك ثناء
قاصر عنه ما يدبج سحباـــــــــــن وقس وهذّب الشعراء
ونظام المعلقات اللواتي قسمتها الأستار والجيداءُ
حسّنته ضواحك من بديع سقيت من رضابها الجوزاء
فبدت حمرة على غرة الجوزاء الاخرى وغارت العذراء
كل برج نجومُهُ غائرات غير برج نجومهُ الخلفاء
شمس فضل سعودها من قريش ومن أوس وخزرج أبناء
قد حوت منهم الجديدة درا ما حوته الأمواج والخضراء
فكأنّ السماء تحت علاها وحلاها أرض والأرض سماء
كلّ شمس نهارها غير شطر يستوي عنده الضحى والعشاء
فاستعارت من نورها الشمس عكسا شق للزبرقان منه رداء
شرط كل تقابل حدَسِيّ أنه ما للمستعار بقاء
كحَلُ العين كالتكحل فيها مدة ثم ينقضي الاستواء
فانظروا هل يرى كحسان مدحا وزهير ومن نمت بصراء
يا شفيعا في المذنبين ولولا فضلهُ ما تولت الأولياء
قُدّس العرش من صفائك والواـــدي وما فيه بين ذاك اصطفاء
أنت حملُ الوجود في أول الطهـــــر ولم تقرب النقاء دماء
حكمة من جرّائها ساد فهرٌ ولؤى وهاشمُ الحكَماءُ
منبتٌ طامحٌ من المجد يشفى من ضنىً خيزُرانه والكباء
ذُبِحوا بالثناء بعد رضا الذبــــحُ ومن جنس الاكتساب الجزاء
فكَأنّ الوجوه منهم زجاجاــــــــت أبان السراج منها صفاء
عدّ حمل من يمنه شحن الجو نجوما والموج درّا وماءُ
لم يلد مشرَباً كأحمد ذاتا وحلّى ءادمٌ ولا حواء
أبطحيّ بريقه يعذب الملـــــــح وتشفى بلمسه الأدواء
وعليه من الكرامة تاج ومن الحمد في يديه لواء
أخته الشمس في الضحاء ولكن ليس للشمس لمّةٌ سوداء
حرم الشيب رأسه وعليها أمَد الدهر لمّةٌ بيضاء
ضرب النوم والظلام علينا لم يكن منها عليه غطاء
ورأى ما وراءه من زمان ومكان وغاب عنا الوراء
كلما كذبته منهم جموع كلمته من أرضهم عجماء
ان في الضب عجمَةً ولأمرٍ قصرت عن خطابه الخطباء
وهي أربعمائة وثمان وثمانون بيتا، وتحمل الكثير من المعاني.
وتأليف الرسائل الأصولية والفقهية والفتاوى، ومن ضمن هذه الرسائل “الإجماعيات” وهي عبارة عن الأحكام المجمع عليها. وجميع المجمع عليه من الأحكام 1111 حكما وبها عناوين عدة، أولها “أجمع المسلمون” ثم “أجمعت الأئمة الأربعة”، ونظم الشيخ خليل له شرحان الأول منها شرح محمد الخضر بن حبيب الله بشرح يسمى “المفاد” والشرح الثاني شرحه أحمدُ يعقوب بن محمد بن عمر ويسمى “نيل الكريم” في أربعة أجزاء ولديه ديوان شعري شعبي مطلعه:
رب العزه خلَكـ سبعين هومه جل العالمين
واكبر منهم درجه لثنين محمد والحــــرمين
خلَكـ سبعَ سماوات غير متفاوتاتٍ
قد أتينَ طــائعاتٍ قضاهن في يومينِ
واكبر منهم درجاتٍ محمد في الحــــرمينِ
صلى الله صلواتٍ عليهِ قدرَ سبعيــــنِ
وشعره الشعبي مقسم إلى أجزاء، بعضه في التوحيد وبعضه الآخر في الاستسقاء والفلك.
فمن الاستسقاء قوله في طلعته المشهورة :
يا الربْ أعطف بحرياتْ عارْظَاتْ الْهُمْ خرْفياتْ
عانقوكوهم بالرمليات …..
بعض إنتاجه الشعبي مشروح وبعضه غير مشروح، ونظمه لعد الحصى شرحه سيد بن اسمه شرحا جيدا
ومطلعه:
” أَلَفَ حْصَيَّ حَبَّتْ بَشْنَّ وَلَفْ من البشن لهْبِيلَ
وَلَفَ امْنَ اهْبِيلَ فَطْرَتْنَ والْفَ من الْفَطْرَ خنْطَرْفِيلَ
والْفَ اخْناطَرْ هُومَ مَدْنَ وَلْفَ أمْنَ الُمَدْنَاتْ اعْكَيْلَ
و الْفَ اعْكَلْ دُونِ ذَرْعَتْنَ وَ الْفَ امْنَ الذَّرْعَ لَكْبَيْلَ
والْفَ امْنَ الْكَبْلَ يَمَنَّ والْفَ امْنَ الْيُمُونْ ادْخِيلَ
و اخْمَسْ طَعْشَرْ (15) دَخْلَ جُبْنَ فِيهَ حَمْلَ ثَّوْرْ اعْدِيلَ”.
له كرامات كثيرة وقد سمعت أنه كان يحتطب وهو صغير أثناء دراسته للقرءان على عمه عبد العزيز وعندما ينتهي من جمع الحطب يركب على حزمة الحطب حتى يصل إلى الحي وأحفظ من شعره الشعبي الذي يتحدث عن المستقبل قوله:
لارضْ من المعادن حطْرَ لكانت جبرت إدوارن
نتفو زغبته ما تبْرَ من اجرب فيه حارنْ
ولديه الكثير من هذا النوع الأشعار الشعبية ولقد رأيت شعره الشعبي في ثلاثة نسخة بخط عبد الله بن الشيخ ورأيته بخط عبد الله العتيق بن حمى الله ورأيته بخط محمد المامي بن محمودن ابن بنته وهي كتابة عجيبة ورأيت بعد ذلك بعض الكيفان لم أرهم في النسخ الثلاث التي حقق على أساسها الديوان.
موقع الفكر: هل طالبتم وزارة الشؤون الإسلامية بتثمين هذا التراث و تدريس بعض هذه المتون في معاهدها؟
الشيخ بن حمدي بن الشيخ محمد المامي: لا لم نفعل، والسلطات برامجها متغيرة وليست مستقيمة على حال واحدة والشيخ لم يشرح النظم وإنما تركه للشراح، وقد شرحه كما قلت سابقا محمد الخضر بن حبيب الله وشرحه كذلك أحمد يعقوب بن محمد بن ابن عمر.
موقع الفكر: لماذا قلتم إن الزاوية كانت تسمى زاوية محمد بن عبد العزيز؟
الشيخ بن حمدي بن الشيخ محمد المامي: قلت ذلك ولكن ينبغي أن أقول أولا إنها كانت زاوية الشيخ محمد المامي وكانت عند محمد بن عبد العزيز ودرس فيها الكثير من أبناء القبائل المختلفة.
موقع الفكر: أشرتم إلى عطائه في مجال خدمة مجتمعه ماذا عن عطائه في مجال الجهاد؟
الشيخ بن حمدي بن الشيخ محمد المامي: لقد أشار إلى الجهاد في قصيدته المشهورة التي مطلعها “على من ساد أمرد أو جنينا”
على من ساد أمرد أو جنينا وأجمل من كسا التاج الجبينا
صلاة متيم حوراء تضحي صلاة العابدين لها قطينا
تلقى بالقبول أوان تهدى يشيعها السلام لها قرينا
على مقدار من تهدى إليه لكي تكسي به الدر الثمينا
والال الغر والأصحاب طرا وتابعهم وتالي التابعينا
والأزواج الطواهر والموالي والأصهار الحماة الأنجدينا
فأما بالنهار فأسد غاب ورهبان إذا ما يظلمونا
من القوم الذين لبست فيهم ونحن مع النبي مجاهدونا
شعارا أحمرا لما استجابوا لأحمر مثله مستشعرينا
فهمت بمن رأيت ورب رؤيا تعادل رؤية المستيقظينا
أبي طيف الأحبة أن يبينا وقلبك للعواذل أن يلينا
لأن المرء قد يمسي غريبا بأرض غير بلدته رهينا
وما يسليه مال النواجي وإلقاء العصا في الحاضرينا
ولا نظر الدفاتر زينتها أنامل حذق للناظرينا
ولا أزهار روض ترتعيه جئاذر يتقين به العيونا
ولا طلل يمر به حزين ولا متربع يشفي الحزينا
ودمع يصبغ الخدان منه إذا ما سال فوقهما سخينا
ولا ثقة بصبر يوم صدت جبال السقب معرضة عزينا
كأن بياضها تحت اسوداد ثعالب طييء متبسمينا
أو الظلمان فزعها لوجه من الأعراب حي ظاعنونا
أو السقبان للمرح أبذعرت أمام العوذ تتبعهما حنينا
سفين الروم فيه الناظرونا تحاذينا مواخر إذ مررنا
من الحماء فالحماء الأخرى إلى الأجواد مجراها اليمينا
كأن جبالها وسمي غيث بأوله الأواخر يهتدينا
بلاد العامري لنا اصطفاها فبارك ربه فيها وفينا
نزور بها مقابر دارسات على قدم العهود مخلدينا
معادن حكمة وسداد رأي وأسرار بها متصرفينا
من البيت الحرام لهم ملاذ بأستار بها متعلقينا
تخبرنا الأباعد ما جهلنا من الخير الذي هم فاعلونا
لهم همم علت فوق الثريا بها شادوا لنا برجا مبينا
وعابونا بها فمتى نزلنا سوى زحل عددنا عابثينا
هي الحسب المضيء لنا لو انا على الآثار منهم مقتدون
فنعمرها مطرقة ولسنا بعروة طبل قرم ءاخذين
نواسي كل طاغية أتانا ومسكين بعيد الأقربينا
ونعرض عن جهول نال منا قرينة جهله للسامعينا
ونكرم من أهان إذا اقتدرنا ونعطي الحاسدين فيخجلونا
ولو شئنا الظلامة لم تفتنا ولكن أن يكون لنا لدونا
ألم تر أننا نفر قليل ونعدل إن وزنا الأكثرينا
فإما لوذعي أو خطيب وإما عالم جمع الفنونا
وإما سيد سمح السجايا ومنا دون ذلك يعذرونا
كما في الناس كلهم عذير وليس من الرجال مهذبونا
وكنا خمسة الحفاظ منا مضاعفة وغير مضاعفينا
تيامن من تضاعف وانفردنا بثغر لا يقال به منونا
إلى أن يقول:
وما عمرو بن كلثوم بأوهي عدى منكم وأكثر ناصرينا
فكم من مومن جلد قوي أضيع بلاؤه في المومنينا
ترى البطل الشجاع وذات طفل مملأة الدمالج والبرينا
سواء في النكاية غير طرف تروع به قلوب الرائعينا
منعتم من صعالككم دثورا وأجرا أو جزاء السابقينا
حذارا من مفارقة الغواني والانعام السوائم والبنينا
فساووا في المحبة بين عين تفارقكم وأخرى توعدونا
بوعد الصدق في جنات عدن فهل أنتم له بمصدقينا
ورب ملاعب طرفي نهار من الدارين أبكارا وعونا
ولكني رأيتكم جميعا لحنظلة الغسيل مخالفينا
أما تدرون كل بني تميم من الصخر العظيمة يحملونا
ويعجز بعضهم عنها وليسوا إذا اجتمعوا عليها يعجزونا
كذلك أنتم حيث اجتمعتم على نصب الخليفة تقدرونا
فينفي ظلم بعضكم لبعض وبالحد المقام تطهرونا
وينصب حاكما بالحق يقضي فلستم بعده تتنازعونا
ويضحي أمركم شورى لديكم وتتفقون فيما تصنعونا
وتعرض عنكم حسان لما رضيتم ملة الإسلام دينا
وإن لم يعرضوا عنكم رجعتم على بعض الفرائض حاصلينا
فإن شئتم هناك فتمموها فإن الله عون الصابرينا
وإلا فليقم فيكم خطيب صريح عن شباه تشنؤونا
لتمتثلن أو لأكفرنكم كحسان الألاء تكفرونا
وإلا يجد شيئا فالتكونوا ثلاث طوائف كالسابتينا
لتسلم فرقة وتضل أخري وينظر في سكوت الساكتينا
ولست معارضا إنذار جدي من اللذ كان خيفة أن يكونا
لأمر باطني حاد عنه من أنكره وكل فائزونا
يقال إن بارك الله حضر أول معارك ” شرببه” وأبلى فيها بلاء حسنا ولكنه رأى في بعض معاركها أمورا ساءته، منها أن جنودا بقروا بطن امرأة وهي حامل، ويقال كذلك إن أحمد بزيد ترك له رسالة يأمره فيها ألا يشارك في “شرببه” ولذلك قال الشيخ محمد المامي في آخر قصيدته:
ولست معارضا إنذار جدي لما قد كان خيفة أن يكونا
لأمر باطني حاد عنه منَ أنكره وكل فائزونا
موقع الفكر: ما الجهود المبذولة للمحافظة على هذا التراث؟
الشيخ بن حمدي بن الشيخ محمد المامي: جمع أحمد بزيد بن أحمد البخاري شتات المؤلفات التي كانت متناثرة، وأسس لها فرع عند محمد بن عبد العزيز بن حماني في نواكشوط، وطباعة هذه الكتب من عمله والآخرون لم يطبعوا شيئا وهذا هو الواقع.
موقع الفكر: هل لفرع الأسرة في المغرب جهود في حفظ هذا التراث؟
الشيخ بن حمدي بن الشيخ محمد المامي: نعم هنالك أحد أحفاد الشيخ يعمل على ذلك، ولكني لست مطلعا على جهودهم ولكنها موجودة.
موقع الفكر: هل تساهم “الزوايا” في الحفاظ على التراث ؟
الشيخ بن حمدي بن الشيخ محمد المامي: أظن أنه لولا دور هذه الزوايا لاندثر كل شيء ولكن الشباب في الوقت الحاضر ليسوا مهتمين بالتعلم، نسأل الله لنا ولهم الاهتمام به.
موقع الفكر: هل توجد في الزوايا محاظر؟
الشيخ بن حمدي بن الشيخ محمد المامي: توجد محظرة قرءانية وعلمية في بلنوار.
موقع الفكر: من المعلوم أن الشيخ محمد المامي أول من ألف كتاب البادية هل هذا ناتج عن موقف من البداوة؟
الشيخ بن حمدي بن الشيخ محمد المامي: لست أدري ولكن أعرف أنه قال إنه بدوي.
موقع الفكر: ما علاقة الشيخ محمد المامي بأئمة فوتا؟
الشيخ بن حمدي بن الشيخ محمد المامي : كان بينه وبينهم مراسلات وتبادل للقصائد، كما ربطته علاقة مصاهرة مع الحاج عمر الفوتي، ومن القصص الطريفة أذكر أنه كان لدي حانوت في منطقة بلنوار وأخبرني أحد المعارف أن رجلا من أهل فوتا يسأل عني، فنمت ورأيت في المنام وكأن الشمس أوشكت على الغروب وكأن رجلا يمر من أمامي فلما رأيته قلت هذا الحاج عمر الفوتي؟ فذهبت به إلى المنزل ولما جلسنا وهممت بأن أنصرف لكي أكرمه إذا به يهم بالذهاب فقلت ما العلاقة التي تربط بين سليمان ـ وهو هو الشيخ المعني ـ ومباركة فأجاب بالنفي ولكنه قال إنهما من أهل فوتا، فسألته أن يدعو الله لنا فدعا لي وانصرف.
موقع الفكر: هل تحملون طبيعة المجتمع البدوي في تأخر تعليم هذه المؤلفات وضياع المراسلات؟
الشيخ بن حمدي بن الشيخ محمد المامي : أظن ذلك.
المصدر : موقع الفكر
الشيخ بن حمدي بن الشيخ محمد المامي