أتذكر يوم كان جميل منصور وحده يبحث عن إنشاء نواة لتيار اسلامي معارض لولد الطايع..
لم يقبل أحد من رعيل “الإخوان ” الأول المخاطرة مع جميل، وكانوا ساعتها في وظائف مرموقة في الحكومة وفي بعض الدول العربية( إسلمو ولد سيد المصطف، بوميه ولد ابياه، محمد فاضل ولد محمد لمين، المختار ولد محمد موسى، محمد المختار گاگيه)..
خذل الكبار الفتى المثقف المتحمس..
لم أعاصر فترته في الجامعة، لكنه ترك فيها صدى طيبًا و غرساً شبابيًا واعدًا..
أيام التحاقي بالجامعة كان جميل يحوم حول الشيخ والداعية محمد ولد سيدي يحي، من أجل إقحامه في السياسة أيام حملة التصويت على دستور 20 يوليو 1991، وكان لجميل ما أراد..
لا أنسى أنني حضرتُ، محاضرة للشيخ ولد سيدي يحي بجامج سينكيم (مسجد ربّاه ربو) دعا فيها لتطبيق شرع الله، منتقدًا المادة 17 من الدستور، والتي تقول “لا عذر لأحد في جهل القانون ..
انتشر في الأوساط الجامعية خبر سعي الجماعة بقيادة جميل لتأسيس حزب الأمة، ولم تقبل به السلطات طبعًا..
أتذكر أن الوجوه التي ألتفّت حول جميل كانت تُعد على أصابع اليد الواحدة، وكانت تجتمع يوميًا بمنزل ابن العم محمد الأمين محمد موسى، القريب من الجامعة آنذاك، بمقاطعة لگصر..
كانت ربة المنزل تطبخ لهم أطاجين، وكانت تُقدمه لهم في حدود منتصف النهار، بينما يواصلون الاجتماع..
كنت دائما أدخل الصالون لحظة تقديم الطعام للجماعة واضع الطبق وأقدم المغسل، ثم أخرج، لكنني في كل مرة أنتظر عودة الطبق، أكتشف أنهم لا يتركون أي شيء من “الفظلة”..
قدّمتُ تظلماً إلى ربة المنزل التي لم تكن تلاحظ عودة الطبق خاويًا من الصالون..
لا أتذكر الكثير من التفاصيل نتيجة التظلم، وأعتقد أننا وجدنا الحل في تخصيص “صاندويشاية” من الطبق لي قبل أن أدخله إلى القوم..
جميل منصور أعاد التأسيس، في زمن صعبٍ، وقاد الاخوان، ثم الاصلاحيين، ثم تواصل..
الصورة جمعتني بالجماعة في مؤتمر صحفي في مطلع العام 1996 يوم إعلان انضمامهم لحزب اتحاد القوى الديمقراطية- عهد جديد ، وكنت ساعتها صحفيًا في جريدة “القلم”ومناضلًا فعلًا مع الرئيس أحمد ولد داداه..
عدائي للجماعة التي في الصورة سببه “ليعة أظواگ” التي يبدو أنها تستمر أربعين سنةً فعلًا…
تدوينة الصحفي: عبد الله اتشفاغه مختار