قبس ـ محمد عبد الله.
أسهم تدفق مئات المهاجرين ـ غير النظامين القادمين من موريتانيا؛ عبر الحدود الأمريكية المكسيكية ـ في زيادة غير مسبوقة في عدد سكان بلدة صغيرة في الولايات المتحدة الأمريكية تُدعى “لوكلاند”؛ تتبع لولاية المسيسيبي؛ لا يتجاوز عدد سكانها 3500 نسمة.
ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة “نيويورك بوست” الأمريكية؛ فقد أثار تدفق مئات المهاجرين الموريتانيين ردود أفعال متباينة بين السكان المحليين والمسؤولين.
وكشف التقرير أن تدفق الموريتانيين على هذه البلدة الصغيرة؛ ساهم في تغيير سريع طرأ على التوازن الديمغرافي ل ” لوكلاند”
وأثار التقرير قضايا الهجرة غير النظامية على واضعي السياسات الفيدرالية في الولاية؛ وتحول النقاش في وسائل إعلام أمريكية إلي كيفية تأثير تدفق الموريتانيين على حياة الناس في هذه المجتمعات الصغيرة،
ضغوطات متزايدة
ومع تزايد تدفق المهاجرين غيلا النظاميين من موريتانيا؛ زاد قلق الساسة في مناطق الجذب الأمريكي لهؤلاء القادمين الجدد؛ ونقلا عن صحفية “نيويورك بوست” أعرب رئيس بلدية لوكلاند، مارك ماسون، عن قلقه إزاء التأثيرات السلبية التي تترتب على السياسة الفيدرالية الحالية للحدود المفتوحة. حيث قال: “السياسة الحالية تضع ضغطًا كبيرًا على المجتمعات مثل لوكلاند.” مشيرا إلى أن “هذه الزيادة في عدد السكان قد تفوق قدرات البلدة على توفير الخدمات الأساسية، مثل الرعاية الصحية والتعليم والإسكان”. ويؤكد على أن هذه “الانفجارات السكانية” تحتاج إلى استجابة فورية من الحكومة لضمان عدم تأثيرها سلبًا على الحياة اليومية للسكان.
تحديات جديدة
وعن سبب اختيار الموريتانيين لهذه البلدة وغيرها من البلدات الأمريكية الصغيرة؛ يرى الداه يعقوب الصحفي الموريتاني المقيم في الولايات المتحدة، أن ” القرى الصغيرة غالبًا ما تكون وجهة للمهاجرين الجدد، حيث يستقرون هناك . لكن الاستقرار النسبي يواجه الآن تحديات جديدة، خاصة عندما يضطر السكان المحليون للتكيف مع ظروف جديدة مثل ازدحام المنازل.
ويضيف يعقوب: “الناس هنا؛ اعتادوا على أن يكون منزل من شقتين يسكنه أربعة أشخاص فقط. لكن مع تدفق المهاجرين، أصبح المنزل مكتظًا بالأفراد، مما حدى بالسكان المحليين إلي طرح أسئلة من قبيل الظروف التي أدت إلي هذه الزيادة في عدد الأشخاص الذين يعيشون في مساحة محدودة قد تؤدي إلى مشكلات تتعلق بالراحة والخصوصية، مما يجعل حياتهم اليومية أكثر تعقيدًا”.
الصراخ خلسة!!
ويشرح يعقوب ل ” قبس الإخباري” أن هذه التحديات تؤدي في كثير من الأحيان إلى شكاوى من السكان. فمثلاً، “تجد الأسر تشكو من الضوضاء الناتجة عن الحياة المشتركة، مثل نشر الغسيل على أسطح المنازل؛ أو الحديث بصوت عالٍ في وقت متأخر من الليل.
ومع تزايد الشكاوى، يدفع ذلك العديد من الأسر المحلية للتواصل مع السلطات المحلية بحثًا عن حلول.
يقول رئيس المنظمة الموريتانية لمكافحة الهجرة السلبية أباه ولد أعمر، في تصريح صحفي سابق له، إن “إن أبرز تحديات الشباب الموريتاني من وجهة نظر منظمته التي تعمل على تفكيك الحلول وطرحها لهذه الفئة، يتمثل أساساً في البطالة وارتفاع الأسعار والظلم والتهميش والإقصاء ومظاهر الفساد”.
الحاجة لسياسات جديدة
وفي ظل هذه الأوضاع، طالب رئيس البلدية، ماسون الحكومة الفيدرالية بوضع “سياسات أكثر شمولية” تأخذ في الاعتبار قدرة المجتمعات الصغيرة على استيعاب المهاجرين. “إذا كانوا يعتزمون تطبيق سياسة الحدود المفتوحة، فسوف يحتاجون إلى سياسة لتوجيه هؤلاء المهاجرين إلى مجتمعات قادرة على تحمل هذا النوع من الانفجار السكاني”، على لسان ماسون.
اهتمام حكومي متأخر
بعد مرور عامين أو أكثر على بروز ظاهرة ” الحيط ” في إشارة لحائط المكسيك الذي سلك طريقه أزيد من 20 الف شاب موريتاني؛ حسب تقارير منظمات مهتمة بقضايا الهجرة غير النظامية؛ تحدث الوزير الأول الموريتاني عن ووضع تصور لحكومته في ثني الشباب عن الهجرة وتسهيل عودة الذين يرغبون في العودة.
وخلص ولد أجاي إلي أن هجرة الشباب الموريتاني نحو بلاد العم سام “ليست ناتجة عن حرب أو قمع، بل بسبب نقص الفرص الاقتصادية التي تعوق تحقيق أهدافهم الحياتية”. مؤكدا عن استعداد حكومته لدعم الجاليات الموريتانية في الخارج، متأسفًا على هجرة أي مواطن موريتاني”.
ويرى مهتمون بقضايا الهجرة والتنمية إلي أن ” هذا الربط بين السياسات المحلية والدولية يعكس كيف أن نقص الفرص الاقتصادية يمكن أن يؤدي إلى تدفقات سكانية كبيرة، سواء إلى مجتمعات صغيرة مثل “لوكلاند” أو إلى دول بعيدة. في النهاية، تظل الحاجة إلى سياسات فعالة وشاملة قائمة، تهدف إلى تحقيق توازن بين دعم المجتمعات الجديدة ومراعاة احتياجات السكان المحليين”.