قبس ـ نواكشوط ـ محمد عبد الله.
أطلق حزب الإنصاف مساء أمس الجمعة؛ موسمه السياسي لعام 2024-2025، خلال حفل أقيم في المركز الدولي للمؤتمرات بنواكشوط. المناسبة، التي تأتي بعد فترة هدوء سياسي شهدتها البلاد خلال موسم الخريف، تعيد تسليط الضوء على الحزب الحاكم ودوره في الساحة السياسية الموريتانية. لكن خلف الأضواء، تبقى التحديات الهيكلية والسياسية المعقدة حاضرة، لتعيد طرح السؤال عن قدرة الحزب على تجديد ذاته أم استمرار أزمته المتجددة.
إعادة هيكلة الحزب أم تكرار السبات؟
في كلمته الافتتاحية، بالأمس، أكد رئيس الحزب، سيد أحمد ولد محمد، أن المرحلة المقبلة ستشهد “إعادة هيكلة الحزب على أسس جديدة”، مشيراً إلى أن “الهدف هو تحويل الحزب إلى مشروع وطني يخدم المصلحة العامة”. وأوضح أن فيدراليي الحزب في المناطق تم تكليفهم برصد مشاكل المواطنين لرفعها إلى الحكومة، والعمل على إيجاد حلول لها.
مع ذلك، يرى مراقبون أن هذا الطرح الطموح قد لا يتجاوز حدود الشعارات. الصحفي محمد المختار احمد سالم، في تصريح ل “قبس الاخباري” وصف مفهوم “الموسم السياسي” بأنه مجرد نشاط إعلامي هدفه تذكير الساحة بوجود الحزب كذراع سياسي للسلطة. ويعتقد أن الحزب سرعان ما يعود إلى الركود، بانتظار محطة جديدة تحركه إعلامياً دون تغييرات جوهرية.
تحديات متجددة تلاحق الحزب
بحسب محمد المختار، يواجه حزب الإنصاف تحديات هيكلية تعيق تطوره، أبرزها “ضعف العمل المؤسسي وصراع اللوبيات الداخلية”، إلى جانب الطابع الجهوي والشرائحي في توزيع المناصب القيادية. هذه التحديات، كما يصفها الباحث، أضعفت التنسيق بين الحزب ومنتخبيه، وجعلت الكثيرين ينظرون إليه كوسيلة لتحقيق المصالح الشخصية أكثر من كونه حزباً وطنياً مؤسسياً.
ويضيف أن “العلاقة الإشكالية بين الحزب ومنتخبيه تُعزز هذا الانطباع”، حيث يشكو العديد من ضعف الدعم والاهتمام، ما يجعل الحزب عاجزاً عن تقديم أداء سياسي مقنع أو تحقيق رؤية تتجاوز المصالح الآنية.
رئاسة جديدة وإرث ثقيل
مع تسلم سيد أحمد ولد محمد قيادة الحزب، تبدو التحديات أكثر وضوحاً وإلحاحاً. الرئيس الجديد، الذي أتى من موقع وزاري، مطالبٌ بإحداث تحول جذري في بنية الحزب وأدائه. ومع ذلك، يرى محمد المختار أن الرئيس قد يجد نفسه مضطراً إلى الاكتفاء بإدارة الوقت، وتجنب الصدام مع اللوبيات المؤثرة داخل الحزب، حفاظاً على موقعه.
وأضاف الباحث أن أولوية الرئيس الجديد ستتركز على السيطرة على الحزب، وتفادي المواجهة مع القوى الداخلية التي تتحكم في توزيع الأدوار والمناصب. أما الحديث عن إعادة الهيكلة والارتقاء بأداء الحزب، فقد يبقى مجرد شعارات لا تجد طريقها إلى الواقع