
قبس – خاص
توقفنا في (تأملات في الشعر الحساني 3، ولد الكصري.. مدارات وجدانية)، عند نص “توبة”.. نص مُنعطف الشاعر الفارس والفقيه الصوفي، مُنعطف ولد الكصري العُمُري، ومِعْراجه في مَدارِج السالكينَ نحو الكَمَال الشّعري.
لندلُفَ اليوم الى عُدوة اُخرى من شخصية ولد الكصري المُركّبة، من عُدوة ” الشاعر الفارس ” الى ” الفقيه الصوفي “، من مداراته الوجدانية الى مداراته الروحية.
شكَّلَ ولد الكصري جسر ابداع، امتزجت في شعره مدرستين عريقتين في الثقافة الحسانية.. مدرسة “أترارزة “ومدرسة “تكانت “، اذ وُلِدَ سيدي محمد ولد باب أحمد ولد الكصري (1852-1929)، ونشأ في بوادي بوتلميت في الجنوب الغربي الموريتاني، وكان كثير الترحال بين مسقط رأسه ومنازل أهله في تكانت (الوسط الموريتاني).
نبغ ولد الكصري في الشعر الحساني، وذكره جُلّ من أَلّفَ فيه، وأفرد له المرحوم عميد الأدب الشعبي محمدن ولد سيدي ابراهيم مساحة لا بأس بها من تأليفه “تهذيب الأفكار”، وغنت بشعره الرقيق والصادق حناجر موريتانية عديدة ومتنوعة.
طرق سيد محمد، العديد من أغراض (لغن)، وأجاد فيها، فلا علم لي بغرض شعري الا واقتحمه ولد الكصري، وفتح مغاليقه، وأبدع فيه، حتّى لَتكاد تَجزِم في كل غرض شعري تَناوله، أن ولد الكصري شاعره الأوحد.
وتظهر ثقافة ولد الكصري العالمة والعميقة في شعره جَلِيّة، ولا يحبسها عن الظهور ضيق الكلمة الملحونة في الشعر الحساني (لغن)، وان كانت شاعريته، لَتبلغ ذروتها ويُبرز الشاعر فيه عن تقنياته العالية في “الْوَزَنْ “، حين يَلِجُ عالم التدبر، حين يندهش الصوفي بداخله، أمام قدرة الباري في بنيان قرآنه المنظور.
ويَفيض ولد الكصري شعرا وذوقا، حين هُديَّ في تشابك شعريّ – روحيّ بديع، الى تَتَبُّعِ، وفكره يجول في آفاق هذا الكون الكبير في تمدده، شديد التناسق والدقة والارتباط، كيف سُخّر لهذا الْبني آدم الصغير في هيكله ومُكّنَ. هنا سرت في سرّه لطيفةَ “ولقد كرّمنا “، فألهُم (ولد آدم بعد الرب اهداه)، ووُفّقَ، ولسان حاله يزهو: (أَتَزعُمُ أَنَّكَ جُرمٌ صَغير – وَفيكَ اِنطَوى العالَمُ الأَكبَرُ).
مًكّنَ لولد الكصري شعرا، فُرزِِقَ، ذوقَ الصوفيّ ودِقّة الفقيه، وذكاء البدوي وفهم الحساني. في” تأملات في الشعر الحساني” اليوم، ندور مع ولد الكصري في مدارات شعره الروحية، ونتأمله في:
ولد آدم بعد الرب اهداه
أولا – دعوة لابن آدم للتدبر في نفسه وعدِّ ذلك من التوفيق
1- (…وَفِي أَنْفُسِهِمْ …) فصلت/ 53.
ول آدم بَـعْدْ الرَّبْ اهــــــــداه للتوفيق او خـَــــرَّصْ مَــــبْـــداه
وانظَرْ فَامْرْ ؤ تدبير الله فِـالظَّـاهـرْ منُ والخافيـــه
وافـْـتصريفو واِمْناشْ انْشَـــــاه ؤ تصويُر بالْحُسْـن امْسَـوِّيـه
2- (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) فصلت/ 53.
يعرفْ عَنْ ذَا تدْبـــيرْ إلَاهْ قادر مُريــــــــدْ، أو عِلْمُ بيـــــــــه
عالِم بِالِّ رايدْ، حَـــــشَــــــاهْ مْنْ يجْهَلْ شِ لاشْ اموَّاسِيـــه
3- (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ) فصلت/ 53.
مَادَارْ افْذَ الكَوْنْ امْنْ اسْمَاهْ وارْضو وابْحُورُ وانْواحِيـــــــــهْ
واوْسَاط گِدْ اظْـــفرْ وَسَّـــاه ْ ماهُ عالِمْ بِلِّ يِـــــــزِّيـــــــــــــهْ
أو بالْحِكْمَة فيه امنين انشاه ؤُ بِلِّي يَوْخَظ زاد او ينفيــــــــــــــــه
ثانيا – أمر المخلوق
(…وَفِي أَنْفُسِهِمْ …) فصلت/ 53
ؤتدبيرْ امْرْ الْمَخْلوق ارْعَــاه من مَزال اغشاه امْغَشِّيــــــــه
صَنْعُ من ذاك اشِّي وســـاه بِاذْكُـورُ مِنُّ وابْـنـاثِـيـــــــــــــــه
أ- قبل الولادة:
(.. فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا) المؤمنون \14
1- الجرم
جرم الهيكل للَشْـخَصْ ابنـــاه ْ من تِشْتات اجناس امْخَـاويــــه
جنس اعْظَامْ امْسَيَّسْ، كسّاه. وابْجِنْـسْ الْحَمْ لِيِّنْ كاسـيــــه
او جنس اعْصَبْ شــدَّدْ بيهْ الله العِظَامْ وكل اعْظَمْ فيـــــــه
قَدَّرْ للتركيــــــــبْ او قَـــوَّاهْ زادْ ابْمخْ ايتَمْ امْلَوْمِيــــــــــــــهْ
والدَّمْ افْذَ كَــــامِلْ جَـــــــرَّاه ما يِسْـكِـنْ فِـالجّـرْمْ امْجَـرِّيـهْ
2- الروح
(قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) الاسراء \85
او مِن عظيم اصَّ قُدْرِتْ گاعْ مالكْ ذَ لَمَرْ ابلا نــــــــــــــزاعْ
ؤلاهِ تِرْگٌيكٌه لَخْــــتِــــراعْ ذ اِلْكَوْنْ امْــــــــنْ العَدَمْ ناشِيـهْ
ترْكيبُ لِلروح ؤتِـــــصْراعْ الروح افْذَ الهَـيْكَلْ تِحْيـيـــــــــــــهْ
ما تـــورَ ذاتْ ؤلا سمَــاع ْ حس او لا حَسْ انْحَسِّتْ بيــــــــهْ
او هيَّ مَوْجودهَ شِيخه كٌــــاع ماهِ من شِي لِــــــعْـقَـلْ ينفـيـــهْ
واخبَرْهَا ظــــاهر بالتِّكٌـْياع ؤدَاركٌ زادْ امَّلِّي خَلِّيـــــــــــــــــــهْ
3- العقل
4- (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم
مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) الاسراء 7
(كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) البقرة\242
او ذ الجرْمْ الِّي عُمْدِتْ مَبْناه أعظم واعصبْ والحمْ، وابنـــــــــاهْ
الْ لِـعْـقَـلْ واحْنَ خَرَّصْناه غَلْبِتْنَ حالتْ لِـعْـقَـلْ فيــــــــــهْ
لِعْظَمْ ما يَعْقَلْ شِي وامْعَــاهْ لِعْصَبْ ما يَعْقَلْ شِي يِزِّيــــــــهْ
واللحْمَ ما تَعْقَــــــلْ، واللهْ واسَ لِعْـقَلْ فالشَّخْـص، ؤُ بيـــــــهْ
عَرْفْ الشخصْ انُّ ذَ الِّ طاهْ لِـعْـقَـلْ قادر حَكٌ او عاطـيـــــهْ
بَلْ اظْواكٌ او نطق او مَمْشَـاه ابرِجْـلَـيْـن اصنَـعْهُمْ وايديــــــهْ
اصنعهم. لُ هذَا وســــــــاهْ سابكٌ يِخْلِكٌ مُكَرَّمْ بيـــــــــــهْ
ب- بعد الولادة:
(وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ…) البقرة \233
1- في الصغر
وامنين اخْلِك ماجَ مَتكولْ اعلَ راصُ عنُ مغفـــــــــــــــــولْ
كيفن يِخْلِكٌ يِخْلِكٌ مَجْـعولْ خَلْقْ اعليه إلين إرَبِّيـــــــــــــــهْ
مِتمَوْنَكْ ،فاللُّطْـفْ الـمَسْـبُولْ مقهورَا لُ مَدَّ تبـــــغيـــــــــــــهْ
ماهُ بِاخْزينْ اگْـبَلْ مفـعــــولْ ألا قَهْرْ اللهْ امواسيــــــــــــــــــهْ
او كَرْمُ بِادْرارْ البَنْ مَصْگــولْ ما يِتْوَخَّرْ عن وقت امْجيـــــــــــــهْ
او لا يَعْجَلْ عن ذاك أل گـولْ مِتمَيْعَــدْ وَيَّاه ايْحَـانيــــــــتــــهْ
حاصلْ فِامُّ فِبْلَدْ مَسْـدولْ مَكٌدُودْ اعْلَ فمُّ راضيـــــــــــــهْ
ماهُ مَقلُوكٌ او لا مَــــحْلـــولْ حَلْ ايعودْ ابَّجُّ يوذيـــــــــــــــــــهْ
ألاَّ كٌدْ الـمِـنْـيَه مَـبْـــــــذُولْ واعْلَ نَفْعُ بيه امْسَـهْـديــــــــهْ
او وساهْ الگِدَّامْ اعْلَ مُـــــول ْ الرِّعْيَه لَيَّـــــــــاكْ إتَكِّيــــــــه
مِتمَوْنَكْ فِالْـعَـبُّـون او طــولْ سِغْرُ كاملْ هِيَّ راعيــــــــــهْ
و ايتم افلطف إلين اتحول أحوالو و اللطف ايراريه
2- في الكبر
وكتن يكْبِرْ مـــــــاهْ انُّ زاد يگـلعْ عنُّو لَيْد انُ كــــــــــــــــادْ
يَصْـنَـعْ شِ عاد، اخْبَرْ وَجَّاد ذَالصّنَع، المصنوع افدخليه
الا حادث عاجز، ما كاد صنع، اعدّل صنع اطرّيه.
ثالثا –
﴿ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ۖ وَأَلْقَىٰ فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ﴾
[ لقمان: 10]
هَـيَّـأ ْ لُ كٌدَّامُ سَــــــــــــــدادْ نَفْعُ فِالدِّنْيَا، گـبْلْ إمجِـيــــــهْ
منو:
1- الأرض
لَرْضْ ابْسَطْــــهَا مِهــاد ْ او لا وساهَ جنس إيژَيْـگِـيـــــــــهْ
فانواع امن انفعها. ما عاد فيها جنس الجنس امخاويه
وسّا لُو منهَا جنس أغــــرادْ تِـنْـزَاهْ او نَـعِـيم اتـحـاذيـــــــــــهْ
أجناس اتنَبت من مُــــــراد ْ الناس ولَنْعامْ الِّي فيــــــــــــــــهْ
ايحورو لعقول ؤُلا كاد عداد ابلعداد ايوفّيه
او جنس أَمّالح، مصالح زاد ؤُ واحد عذب الخلقو يسكيه
او جنس ألا جواهر فابلاد مخصوصَ وابلاد اتشريه
او جنس ابحور امواجُ تتراد او فوكو فلك ابجنس امجريه
بامنافيع الناس افلبلاد او جنس اجبال افلرض امرسّيه
واسماه اسمكها ذ الجواد بناي اعل خلقوا بانيه
وابْهَذا من كوكبْ وقَّـــــاد زيَّـنْـهَا للخَـلْـقْ افْعَيْنِيـــــــــــــــهْ
اِيْسهديه افظلمت لبــــلادْ بيهم و افْلبحور إسهديـــــــــهْ
او فيهَا دارْ الرزق الْ لَعْباد ْ او منهَا زادْ امَّلِّي يعطيــــــــــــــــــــهْ
واتجُـودْ ابلَمْطار، او لاَعاد ْ ماهَ زادْ افْمَرَّه تِلْقِيــــــــــــــــــــــــهْ
عَجْنهَ تَجْعَلْ ذَا الخلقْ أماد ْ هُوَّ عالَمْ الاَرْضْ ايسَوْگــــــــــيهْ
باَرْشاشْ ألا كٌــــد الْمُــرادْ الين إجَرِّ بيه اسْواكٌــــــيــــــــهْ
او يَمْلَ بيهْ امحَاكمْ لَبْــلاد ْ وٍايْنَبَّتْ جادِبْــــهَا يِكْسيــــــــــــهْ
﴿وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ ۚ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ﴾
[لقمان: 10]
او فيهَا بَثْ انواع الـدَّوابْ أركوب ؤُ معايش واشـــــــــــــــــــرابْ
ؤُ جَمالْ الْتنزاهُ وأثْوابْ والْبِنايْ الْييبْغِي يبْنيــــــــــــــــــــهْ
او كسّمْ لَرْزاقْ افـْكِلْ اترابْ اعْلَ قَدْرْ الخلق اتحاذيــــــــــــهْ
قِسْمهَ ما تِنزاد ابلَسْبـــاب ْ او لا ينـگـص ْ لهْنَ ، شي عاطيـــــهْ
منْ فَضْلو لكريمْ الوهاب ْ. هذا ثابت جَا بيه انبِـيــــــــــــهْ
الصَّـادق الامِينْ اليِّ جــابْ الدين القويم ؤشِ بيــــــــــــــــهْ
جَ ثابت ما فيهْ التكـذابْ مُحالْ الكذبْ اعليهْ، اعليــــــــــهْ
صَلَّى اللهْ هُوَّ واصحاب ْ نَصْروه ْ او سَلَّــــمْ و آليــــــــــــهْ
وارحَمْ مَوْتانَا والصواب ْ انَ فِـى الْـخِـتـامْ اتــواليــــــــــــهْ
وامْعَانَ لخُّوتْ او لحبــاب ْ او جمعْ الْمُسلمين اتساويـــــه
رحم الله العالم العارف بالله سيدي محمد ول الگصري.