
كتب محمد يحيى ول اجيد ول الشيخ
بعض الأرواح تمنح شعلة لا تضيء حياتها فقط بل تترك أثرا مشرقا في كل من حولها حتى وإن اختُصرت رحلتها على هذه الأرض . الشيخ ولد اجيد كان من هؤلاء الذين لم تكن حياتهم مجرد سنوات تعد ، بل كانت تجربة مكثفة من الذكاء ، العطاء ، والمثابرة ، حتى بدا كأنه في سباق مع الزمن . وكأنما كان يستشعر قصر رحلته منذ البداية فكان يستعجل الإنجاز ، يعطي بلا حساب ، ويتنقل بين مجالات المعرفة والمهن كمن يحاول ألا يفوته شيء قبل أن يرحل .
اليوم تحل الذكرى السابعة والثلاثون لرحيل شقيقي الاكبر الشيخ ول اجيد يوم 2 ابريل 1988م بمستشفى ( ابرينسيبال) بداكار عاصمة جمهورية السينيغال .
كان الوقت الخامسة فجرا من صباح ذلك اليوم المشهود يوم الحزن العظيم حين أذن بالدخول الى وحدة العناية المركزة حيث وجدته وقد فاضت روحه الطاهرة الزكية الى بارئها وانطفأت تلك الشعلة المضيئة التي انارت حياتنا لثلاثة عقود فقط لكنها كانت مبهرة ، ساطعة ولامعة .
كانت لحظة فارقة . لم اصدق الامر في البداية اذ كنت متعلقا به تعلقا شديدا فهو لم يك مجرد اخ فحسب بل كان الاخ والصديق والوالد والمستشار والناصح والسند في كل الملمات . يبدو اننا نصل بالفعل الى درجة من الحب تجعلنا نغفل عن حقيقة الفناء المتناثر في صميم وجودنا بل نعتقد خلود من نحب .
هو العلامة العلم القاضي العادل الشيخ ول اجيد ول الشيخ ول احمد ول سيد احمد البكاي ول عبدي ول سيد احمد ول محمد ول احمد ول اعمر ول سيد احمد انويكَظ ول الشيخ سيدي بوبكر دفين انتوموتاكَت بلحويطات ول الشيخ سيد امحمد الكنتي الصغير دفين فركش بآدرار ول الشيخ سيد احمد البكاي دفين ولاته ول الشيخ سيد امحمد الكنتي الكبير نزيل فصك بن الشيخ سيدي عال بن الشيخ سيدي يحيى بن الشيخ سيدي عثمان بن الشيخ سيدي دومان بن الشيخ سيدي يهس بن الشيخ سيد شاكر بن عامر ( يعقوب) بن عمرو العلا ( العاقب) دفين صحن مسجد ولاته الذي هو بانيه بن الصحابي القائد الفاتح عقبة المستجاب بن نافع الفهري القرشي باني مدينة القيروان وفاتح افريقية والمغرب الاقصى الى برك الغماد وخف الحافر .
وُلِد الشيخ ولد اجيد في سبتمبر 1956م في مضارب أحياء البدو . في موضع يقال له “وكَشضه” ، بين آدرار وتكَانت شمال أفام لوديات ، حيث اعتادت الاسرة المرور هناك كل سنة تقريبا في رحلتها للانتجاع شمالا نحو آدرار وتيرس وآمساكَه . ولعل ميلاده في هذا المكان الواقع بين موطن العشيرة (تكانت) وموطن الأخوال (آدرار) كان تلميحا إلى ازدواج انتمائه بين المنطقتين ، فقد كان هوى الأسرة موزعاً بينهما .
كانت لي معه في تلك الرحلات ذهابا وايابا ذكريات لا سبيل الى نسيانها ، رغم الصغر وغابر الازمان . كنا متقاربين في السن اذ كان رحمه الله يكبرني بعام وسبعة اشهر مما جعلنا صديقين مقربين . فلطالما مشينا خلف صغار الغنم ( اللغو )اثناء الرحيل . ولربما ضللنا الطريق وتخلفنا عن الظعائن ما يتيح لنا بعض المغامرات الصغيرة كالالعاب الخفيفة وخاصة (التنقاش) بالحجارة اذ هو متاح اثناء المشي دون إعاقة المسير . ولربما صادفتنا سدرة يكاد يصرعها النبق او بعض اشجار الطلح او السلم او القتاد تكتسي جذوعها بلذيذ الصمغ العربي الرطب . انها الارض الحبلى بالمفاجآت تقدم لنا احسن لقية في الطريق .
لكن الأيام لأ تتشابه في الجود والعطاء :
لياليّ ما قد علمت حبالى
مقربات يلدن كل عجيبِ
مرة بينما كنا نتجاذب اطراف الحديث ونحن وحيدان نمشي في إثر الركب اذ مرت بالقرب منا صرمة من الابل يتقدمها جمل اورق أكلف ملبد ، تتقي روعاته الشول المراسيل كانما عناه وعناها الغلام القتيل طرفة ابن العبد:
تربعت القفين في الشول ترتعي
حدائق موليِّ الاسرة أغيد
تريع الى صوت المهيب وتتقي
بذي خصل روعات اكلف ملبد
ارتعدت الفرائص وبلغت القلوب الحناجر — بالنسبة لي على الاقل — لكن الشيخ بشجاعته ورباطة جأشه وذكائه اشار الى شجرة طلح وارفة الاغصان فصعدناها الى ( اعريش لغراب ) ووقف الجمل تحتنا تماما وان هديره يكاد يزلزل الارض وتنخلع منه القلوب . بقينا ساكنين متجمدين . مرت الدقائق وكانها سنين . اخيرا رحل بعدما ابتعدت عنه شوله ، فزال الخطر وفرج الله الكربة وازال الغمة .
ولله ما شهدت عليه شعاب تكَانت ووديانها وجبالها الشم من تلك الذكريات في مراتع الصبا ( وايام لا نخشى على اللهو ناهيا ) .
جبال تگانت ، تلك النصب التذكارية الشامخة التي تلامس السماء ، تشع بجمال آسر يمزج بين زرقة صافية تنعكس على صخورها العتيقة وسكينة تغمر الروح . تتماوج ألوانها بين الأزرق الضارب إلى الاخصر والاخضر المزرق ، فتبدو كلوحة أبدية رسمتها يد الزمن . في ضوء الفجر تتلألأ قممها كأنها أسرار موغلة في القِدم ، وفي المساء تتوشح بسكون مهيب يبعث على التأمل . هناك، بين السفوح والمنحنيات العميقة ، ينساب النسيم نديا ، كأنه همس الصالحين الذين عبروا هذه الأرض ، تاركين خلفهم هالة من القداسات والروحانية . إنها ليست مجرد جبال ، بل صروح من الجلال والسكينة ، حيث يشعر المرء بأنه أقرب إلى السماء والخلود .
واها لايامنا عند ( كَاره فوكَ كَاره ) اذ لا انس م الاشياء لا انس يوم توغلنا في سفوح الجبل وشعابه رفقة اطفال الحي ولمحنا ما حسبناه عن بعد حيوانا مفترسا وتحديدا النمر المرقط فانطلق الجميع جريا لا يلوون على احد وكنت اصغرهم وابطأهم فكاد قلبي يطير فزعا لولا ان رجع اليّ الشيخ وكان فارع القامة طويلا مهيبا يوحي بالحزم والثقة وصاح بي تعلق بثوبي من الخلف فامسكت بطرف ثوبه فحسبتني اطير اذ لا يلامس الارض منى سوى رؤوس اصابعي وتجاوزنا الجميع وتركناهم في الخلف .
وواها لايامنا عند ( اتويشلاتن الغربانيات ) ايام كنا نقرأ القرآن على المرحوم باب ول آبكَه فيكتب الشيخ ثمنين ويحفظ من قراءة واحدة او اثنتين ويذهب لشأنه واكتب انا ثمنا واحدا ولا احفظ حتى يذر قرن الغزال . كان رحمه الله آية من آيات الله في الحفظ والفهم والذكاء والجمال والرزانة والوقار وحلوم قريش .
فلله ما ازدهت به وازدانت ايام لحويطات ، ايام كنا ندرس على العلامة شيخنا المرحوم محمد ول اعمر ول سيد احمد نظم عبيد ربه لمحمد بن أب القلاوي على متن الاجرومية لمحمد ابي عبد الله بن محمد بن داود الصنهاجي المعروف بابن آجروم . كان يتعجب من تلميذه الشيخ ومن سرعة فهمه ونجابته واعرابه لكل ما كان يختبرنا به من ابيات الشعر ونحو ذلك .
ولله ايام لنا بمحظرة آطار . لطالما بهرني وبهر اقرانه ايام دراستنا على بقية السلف وعين اعيان الخلف العلامة المرحوم سيد احمد ول احمل البشير امام محظرة آطار حيث درسنا عليه الفية محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن مالك الطائي الجياني .
لم يكن الشيخ مجرد طفل يعيش سنواته الأولى في لهو عابر بل كان ذا ذاكرة خارقة ، يحفظ القرآن من قراءة واحدة أو اثنتين ، ويستوعب دروسه دون عناء . وكأنما كانت المعرفة تتسلل إليه دون أن يطلبها .
كان الكرم فيه جبلة ، يوثر على نفسه ولو كان به خصاصة . حتى في صباه كان يفضل أن يعطي أكثر مما يأخذ ، فحين تقدم له الهدايا كان أول ما يفعله أن يعرضها على أخيه الأصغر ( انا ) ليختار منها ، وكأن العطاء كان جزءًا أصيلا في تركيبته الروحية .
دخلنا المدرسة لاول مرة في اطار 1969م واكملنا نفس السنة الدراسية في افديرك بتيرس زمور حيث ان الاسرة ابعدت النجعة ذلك العام ونزلوا عند ( تنتكرات) حوالي عشر او خمسة عشر كيلومترا شمال افديرك فكنا ندرس في المدينة الصغيرة حتى الخامسة عصرا ثم ننطلق جريا على الاقدام الى مضارب الحي ، حيث نبيت ، وفي الصباح نطوي الارض ركضا لكي لا نتأخر على (المسيو ميشل ) ذي السوط الخشن . وبعد فترة ارتحل الحي الى ( كَلب العبد ) حيث اضحت المسافة اقصر مما سهل الامر علينا قليلا .
قضينا سنتنا الدراسية التالية في تكَانت وبالذات في لحويطات وهي بالمناسبة مسقط راسي . وكانت المدرسة عبارة عن عريش من جريد وسعف النخل والجميع يفترشون الارض الا قلة محظوظة يتخذون من(المهاريز) واكياس الشاي كراسيَ يجلسون عليها وسط نظرات من زملائهم لا تخلو من غبطة وربما من شيء من الحسد المكتوم . رغم ذلك كان المعلم جيدا ولا يتخلف عن الواجب ، والتلاميذ مجتهدون ومهذبون .
كانت لنا داران احداهما في لحويطات ( حاضرة من ضواحي تجكَجه عاصمة تكَانت ) واخرى في اطار(عاصمة آدرار ) مما اتاح لنا ومنذ الصغر حياة مزدوجة بين البداوة والحضر فكنا بدوا خلصا فترة الانتجاع ، وبعد شهور معدودة تترك الحيوانات عند رعاتها ونكون من اهل المدينة لشهور وربما لسنة . وقد ننتقل بالطائرة بين آدرار وتكَانت في تلك الفترة المبكرة من استقلال البلاد اي في الستينات من القرن الماضي . وكانت الطائرة المستخدمة آنذاك من نوع د . س . 3 قديمة الطراز يقودها ملاحون فرنسيون ، ولطالما كانت مبعث قلق للركاب البالغين اما نحن الاطفال : أنا والمرحوم فنظن انها لم تقلع اصلا ولم تتحرك من مكانها الى ان تصل الى وجهتها وينزل الركاب فاذا بمطار غير الذي كنا فيه فنتعجب ايما عجب.
في سنوات الطفولة البريئة ، حيث كانت الحياة في البادية تنبض ببساطتها ، لم يكن الفرح يتطلب أكثر من لعبة تصدر صوتا يشبه صوت طلقات البنادق . كان الشيخ الوالد ، رضي الله عنه ، لا يبخل علينا بتلك الألعاب النادرة والغريبة في ذلك الوقت ، فننطلق بها منتسللين خلف علية القوم المجتمعين في مجلسه ، ثم نفاجئهم بأصوات تنفجر فجأة ، فتعمّ الفوضى ، وتظهر على الوجوه علامات الدهشة والانزعاج ، وربما الغضب . لكننا ببراءة الطفولة ، كنا نضحك ملء قلوبنا ، نشعر أننا جنود مغاوير في معركة حامية الوطيس من صنع الخيال .
في تلك الأيام كان بيتنا يحتضن جهاز راديو ضخما من نوع “كرير” ، حجمه يقارب التلفاز الحالي ، يعمل ببطارية ضخمة أشبه ببطارية السيارة توضع فوقه . يتحلق الجيران حوله مساء كل اثنين ، يستمعون بخشوع لصوت الفنان الكبير سيداتي ولد آبه وهو ينشد لمجنون ليلى :
دعوني دعوني قد أطلتم عذابيا
وأنضجتم جلدي بحر المكاويا
أو يتغنى بأبيات لقاضي العيون ، تهز القلوب وتثير الشجن :
ألا أبلغن سيداتي إن كنت غاديا
رسالة قاضٍ بالعيون دُعي بيا
يا شاعر موريتان حركت مقلتي
وذكرتني عهد الصبا وشبابيا
يومها كنت طفللا تملؤني الدهشة ، أقلب الجهاز بين يدي ، أبحث عن السر ، أتساءل أين يختبئ هؤلاء القوم الذين يرسلون إلينا أصواتهم ؟ نظرت في مقدمة الراديو وخلفه ، لعلني أعثر على فتحة صغيرة يظهر منها أحدهم ، حتى فاجأني أخي الشيخ بسؤاله : عم تبحث؟ أجبته بعفوية : أبحث عن الجماعة المختبئة داخله ! ضحك برفق ، ثم أوضح لي أن لا سكان داخل الجهاز . لربما عرف بذكائه وحدسه الخارق ان الصوت ليس إلا صدى بعيدا تحمله موجات لا ترى .
تلك الذكريات العذبة لا تزال تسكن القلب ، حيث كانت البساطة كنزا ، وكان الراديو نافذة يطل منها اهل البادية على كل ما هو جديد ومدهش ، وكانت الضحكات أكثر صدقا وتعبيرا عن ما في النفوس وعن سويداء القلوب .
ادمنت اسرتنا الرحيل سنويا ، مسيرنا العظيم ، طريقنا البرية نحو الشمال ، غالبا ما نسلك المسار الغربي ابتداء من لحويطات مرورا بأشاريم فاشوي فتيموجيجات فافام لوديات . احيانا يحسن المرور على (انواشيد) (فكَصر البركه) ثم (تالقزه) (فتامكَه) حتى اطراف (تامكركرت) واحيانا يكون الاتجاه شمالا من كَصر البركه الى (الخاثره) (فازرايب عثمان) حيث تُعمل القلاص النجيات والبزل القناعيس الى (وكَشضه) (فأزايكَ اعيون لبكَر) . بال الربوع الخالدات ، تلك المرابع من اجمل بقاع الله ، ولطالما فتنتني وهاجت رسيس بلابلي وهمومي :
الا ليت شعري هل ابيتن ليلة
بواد وحولي اذخر وجليلُ
وهل اردن يوما مياه مجنة
وهل يبدون لي شامة وطفيلُ
وان شئت فقف الركاب وانخ مطيك في تخوم (اوجفت) ومراعيها الخصيبة فلن تعيى بالجواب عن الذين مروا من هناك . اوجفت ، يا مدينة القداسات الراسخة ، حنانيك لقد عُلِّق القلب منكِ ما عَلِقا .
ويستمر بنا المسير الى ان ننزل من طريق انتورفين او ننحرف ذات المشرق الى ( دخلة كلشي ) ثم ممر (أمكَجار ) شديدة الانحدار وفائقة الجمال . هناك تهب انسام الباطن ، فينشد الشيخ وكان شاعرا مبدعا في الشعر الحساني وراوية له على صغر سنه قول الامير سيد احمد ول احمل عيده :
هذا النسيم اللي اطرَ
من كَبلَ ساحل زاحل
كون اعلَ حد امكَوطرَ
بيه البل وجهو ساحل
او قوله :
مارت عن ملان شـــركو
يا العكَل احرام انظر ملكو
ذوك أرياح الباطن حركو
وانت تسدر فالعقار
وتنظر كنـــــوال المـــلكو
لله الواحد القهار
ولربما انشد قول محمد عبد الرحمان ول المبارك ول يمين في مدح الامير احمد ول سيد احمد ول احمل عيده :
فارس حلة كَور أمكَجار
الباطن واظهر تيفوجار
تخمامو يكَرظ روص البار
بالغلظ الما فيه اتزركَيكَ
فالحرب إشيكيه أشمّار
وِزيدو فالحرب اتليِّيكَ
أبّاش اعليه انزاد التدفار
ذاك ابّاش انزاد اتميليكَ
مدو ماهو مد أفجّار
بالمدفع والظيف ولفريكَ
ويستمر بنا المسير حتى آمساكَه حيث نضع عصى الترحال :
فلما وردن الماء زرقا جمامه
وضعن عصيّ الحاضر المتخيمِ
تارة عند كدية (كاله) المهيبة ومرة لدى جبل (بوخزامه) وطورا بين يدي جبل (ايد كَطي ) .
في تلك البقاع ، بين الجبال والوديان ، بين ظلال أشجار الطلح وبين الكثبان التي تتلون بألوان الشفق ، نشأ الشيخ ولد اجيد وترعرع في بيئة صقلت روحه ، فكان يحمل في قلبه سكينة البدو ، وفي عقله طموح الحضارة ، وبين يديه كانت تمتد دروب المجد منذ الصغر .
درسنا الفصل الاخير من الابتدائية في المدرسة رقم 4 في اطار حيث اجرينا مسابقة المرور الى الاعدادية سنة 1974م وكانت النتائج يومئذ تعلن عبر الاذاعة نظرا لمحدودية عدد الناجحين في ذلك الوقت .
وتجدر الاشارة الى اهمية هذا التاريخ حيث شكل منعطفا حاسما وتاريخيا في مسيرة التعريب حيث تم اقرار اصلاح التعليم الذي بموجبه انشئت لاول مرة اقسام تجريبية معربة . لذلك اجرينا كلتا المسابقتين العربية والفرنسية . وكانت المفاجأة نجاحي انا في كلتيهما بينما نجح المرحوم الشيخ في المسابقة الفرنسية فقط وهذا لعمري امر غريب فانا كنت منه بمنزلة التلميذ من الاستاذ .
التحق هو خلاف رغبته باعدادية اطار المفرنسة بينما تحتم عليّ انا ان اغادر الى انواكشوط حيث فتحت تلك الاقسام التجريبية وكانت يومها بمثابة الحلم للجميع .
بعد مرور شهر ونصف او شهرين من الدراسة راودتني فجأة فكرة لا اتبين مصدرها : لِمَ لا اذهب الى الوزارة واطلب الاطلاع على نتائجه في المسابقة . لم اتردد كثيرا حيث ذهبت الى هناك فكان اول ما صادفنى لائحة الناجحين في المسابقة العربية والشيخ ول اجيد على رأسها بالمرتبة الاولى على المستوى الوطني . يبدو ان المذيع اسقط اسمه خطأ او سهوا او لاي امر كان .
لم تكن الهواتف متوفرة وقتها وكانت الاذاعة الوطنية تقدم خدمة البلاغات الشعبية ، تبث كل ليلة . ارسلت له بلاغا اخبره بالامر فلم يضيع وقتا والتحق بي على الفور ورغم تاخره هذه الفترة الطويلة ورغم ما فاته من الدروس ولفرط نبوغه وذكائه حل في المرتبة الثانية في نهاية السنة الدراسية حيث اقيم حفل كبير فى دار الشباب بعيد بنائها تراسه الرئيس المختار ول داداه وعقيلته وحضره جم غفير من الوزراء والمسؤولين وساكنة انواكشوط على قلتها في ذلك الوقت وخلاله كرمني الرئيس المختار بجائزة التميز الاولى على المستوى الوطني بينما قدمت عقيلته السيدة مريم داداه جائزة التميز الثانية على المستوى الوطني لشقيقي الشيخ ول اجيد . ولا شك فى انه كان سينال الرتبة الاولى بكل استحقاق لو انه بدأ معنا الدراسة من اول السنة .
كان الشيخ ولد اجيد عقلا لا يعرف السكون ، يتنقل بين الحقول الفكرية كمن يسابق الريح ، لم تكن الشهادات والقيود الأكاديمية تعنيه كثيرًا بقدر ما كانت المعرفة ذاتها ، فدخل عالم الصحافة من أوسع أبوابه ، وصار صوتا مألوفا في الإذاعة الوطنية ، يذيع النشرات الرئيسية ، ويقدم البرامج الأدبية والثقافية .
لكن طموحه لم يكن ليقف عند حد ، فالتحق بالمعهد العالي للبحوث والدراسات الإسلامية ، ليفاجئ الجميع مرة أخرى بتفوقه الساحق ، متصدرًا الدفعة . لم يكن غريبا أن يتصدر ، فذاك هو دأبه ، لكنه كان إيذانا بأن مسار حياته سيتخذ منحى جديدا أكثر اتساعا ومسؤولية .
لم يستمر في الدراسة النظامية اذ يبدو انه كان على عجلة من امره وكانه يستشعر قصر حياته فلم يرد ان يقيده اي شيء فراح يتنقل بين المحطات المهنية .
نعم ، استهوته الصحافة التي لا يوجد منها يومئذ سوى مؤسستان هما الوكالة الموريتانية للانباء والاذاعة الوطنية . فالتحق بالاولى ورغم عدم توفر شهادات عليا لديه الا انه تفوق على جميع حملة الشهادات وكان عمله في التحرير والكتابة الصحفية محل تقدير واعجاب وإشادة الجميع . ثم انتقل الى العمل في الاذاعة الوطنية . فكان نجمها اللامع وفارسها الذي لا يشق له غبار . جمع بين تقديم النشرات الإخبارية الرئيسية وانتاج البرامج المختلفه . ومن برامجه المشهورة على سبيل المثال لا الحصر برنامج صباح الخير والسهرة الادبية .
في هذه الفترة تزوج من بنت عمه وبنت خاله الكريمة بنت الكرام سليلة بيت العلم والكرم والمجد والصلاح فاطمة منت محمد ول باب احمد ول باب الامين حيث رزق منها بنتا توفيت رضيعة رحمها الله وعظم اجرهما فيها .
كان رضي الله عنه عبقريا خارق الذكاء موسوعي الثقافة والمعرفة ولا ادل على ذلك من انه وكما أشرنا سابقا وبعد سنوات من العمل الصحفي اجريت مسابقة وطنية لولوج المعهد العالي للبحوث والدراسات الاسلامية سنة انشائه وهو اذ ذاك معهد عالي مهني لتخريج القضاة والاساتذة مباشرة بعد اربع سنوات من الدراسة فنجح فيها متفوقا رغم المنافسة الشديدة مع نخبة من علماء الشريعة واللغة من خريجي المحاظر وكوكبة من دارسي القانون .
تخرج بالمرتبة الاولى هو وزميله احمد الحسن . لا اذكر ايهما ورد اسمه اولا على اللائحة . الاكيد انهما حلا متصدرين بالمرتبة الأولي .
موضوع مذكرة تخرجه غاية في الطرافة والاهمية : حكم السماع في الشريعة الإسلامية . قارن فيها بين اقوال العلماء المتقدمين والمتاخرين وتتبع كل الاحاديث والآثار مقارنا ومحللا فرجح ما رآه راجحا وتوصل الى خلاصات واستنتاجات مهمة . وهي موجودة عندي بخط يده .
بعد ادائه اليمين القانونية بوصفه قاضياعين مباشرة نائبا للمدعي العام . وتنقل بعد ذلك في مناصب قضائية عديدة حيث عين وكيلا للجمهورية في ولاية الحوض الشرقي ثم وكيلا للجمهورية في ولاية الحوض الغربي ثم عضو محكمة العدل الخاصة ثم رئيسا لمحكمة ولاية لعصابه .
كان قاضيا يجمع بين الذكاء الحاد والضمير الحي ، يقيم العدل بميزان لا يميل ، يدافع عن الحق بقلب لا يخشى ، حتى كأن العدالة كانت تسكنه لا مهنة يمتهنها .
يشير كل ذلك الى انه رضي الله عنه رغم قصر مدة حياته ( اقل من 32 سنة ) الا انها كانت حياة حافلة بالعطاء والنبوغ والانجاز في ميادين عمل مختلفة وحقول معرفية شتى مما لايتاح عادة للمعمرين . ومرد ذلك هو ذكاؤه الحاد الذي يخرق الحجب ويختصر الزمن ويطوي المسافات . انها العبقرية دون مبالغة او إطراء . وكل من عرفه يشهد بذلك دون تردد .
لكن القدر ، ذلك السيد الذي لا يخضع لمنطقنا وانما لحكمته جل في علاه ، كان قد رسم مسارا مختلفا لهذا العقل المتقد . فبينما كان يرافق والده في رحلة علاجية إلى داكار ، أجرى فحصا طبيا روتينيا كشف عن حصاة صغيرة في المرارة ، تفصيل بسيط لم يكن ليشغل بال أحد . لكنه عاد إلى داكار لإجراء عملية لإزالتها ، وهناك حدث ما لم يكن في الحسبان : نزيف داخلي ، غيبوبة ، ثم رحيل في فجر أحد الأيام ، تماما كما يرحل العظماء ، بلا ضجيج ، بلا مقدمات ، كأنما جاء فقط ليضيء ثم يغادر .
حين يكون الفقد بحجم الشيخ ولد اجيد ، لا يكون مجرد غياب شخص ، بل هو غياب فكرة ، غياب احتمال لما كان يمكن أن يكون . ربما كان سيسير في درب السياسة ، ربما كان سيصبح من أبرز رجال الفكر ، ربما كان سيؤسس مدرسة في القضاء أو الصحافة أو كليهما معًا ، لكنه رحل في الثانية والثلاثين ، تاركا أثرا أكبر من أعمار كثيرة امتدت لعقود .
لكن ، أليس الفناء هو القاعدة والخلود هو الاستثناء ؟ أوليس الأثر الذي يتركه الإنسان هو معيار خلوده الحقيقي ؟ مات الشيخ ولد اجيد ، لكن ذكراه لم تمت ، وأعماله لم تمت ، وسيرته لم تمت . لقد كان نورا مضيا في سمائنا ، وها هي ذكراه تظل مشتعلة ، تنير في كل مرة تستعاد فيها تلك السنوات التي عاشها وكأنها قرون
لم يكن الرحيل نهاية ، فقد اصطفت الدروب بين داكار ونواكشوط لتشهد على موكب الوداع ، لتكون الرحلة الأخيرة أسرع من المعتاد ، وكأن الزمن نفسه صار يركض ليودعه . وفي ظلام الليل ، ووري الجسد الثرى ، لكن ذكراه بقيت طيفا لا يزول ، في القلوب ، في العقول ، في السطور المكتوبة ، وفي الأحاديث التي لا تزال تروى .
عود على بدء كنت اول الداخلين فجر ذلك اليوم الى وحدة العناية المركزة حيث كان يرقد ، الا ان قضاء الله سبقني اليه حيث ارتقى الى الرفيق الاعلا وغادر دنيانا الفانية الى جنة عرضها السماوات والأرض اعدت للمتقين .
كان يوم احد حيث تتوقف الحياة تقريبا في تلك المدينة الغريبة وقد عزمت بحزم على عدم تركه ورائي بل لا بد من نقله الى ارض الوطن ودفنه قريبا من اسرته وذويه . غسلته وكفنته وصليت عليه بحضور جم غفير من المسلمين ومن ضمنهم افراد من جاليتنا يتقدمهم قنصل موريتانيا في داكار ثم اجّرت سيارتين وجدتهما بصعوبة وانطلقنا حوالي الثانية ظهرا . احدى السيارتين تحمل المرحوم في تابوته والاخرى تقلنى مع ابني المرحوم الرضيعين انذاك وزوجته المصون .
انطلقنا مسرعين وكانما طويت لنا الارض طيا حيث ادركنا العبارة او المعدية وعبرنا الى العدوة الاخرى من النهر اي الى روصو موريتانيا حيث استأجرت سيارتين مورتانيتين تحولنا اليهما وعادت السيارات السينيغالية ادراجها الى بلدها .
واصلنا السير بالسرعة نفسها حتى وصلنا مقبرة انواكشوط في حدود الثامنة والنصف او التاسعة مساء حيث ووري جسده الطاهر الثرى بحضور جم غفير من من الاهل والاحبة والاصدقاء .
لم أتصور قط أنني سأقف أمام جسده المسجّى ، أنظر إليه ولا يرد عليَّ نظرة ، أناديه فلا يجيبني ، ألمسه فلا أشعر بحرارة الحياة التي عهدتها فيه . كنت أظن ، بل كنت موقنا في داخلي ، أن من نحبهم يخلدون في حياتنا ، يتعالون على الموت ، لكنني أدركت أن الحب ، مهما بلغ ، لا يمنح الخلود ، وأن سنة الله ماضية ، (كُل نَفس ذائقة الموت) . ( وما جعلناهم جسدا لا ياكلون الطعام وما كانوا خالدين ) .
رحل الشيخ ، لكنه لم يغب ، بقي في ذاكرة الأيام ، محفوراً في تفاصيل حياتنا ، في صوته الذي لا يزال صداه يتردد في أذني ، في كلماته التي كنت ألجأ إليها كلما ضاقت بي السبل ، في صرامته حين كان يعلمني ، وفي حنانه حين كان يواسيني ، في رؤيته الثاقبة ، في ضحكته العذبة، وفي وقاره الذي كان يسبق خطاه .
رثته الشيخة الوالدة رضي الله عنها النانه منت سيد احمد البكاي ول محمد ول البكاي ول باب احمد ول باب الامين بن السلطان ابي نعامة الاكبر بهذا الكَاف الجميل :
انتگصت مساحه
فاحسان الوالدين
وامشات الفصاحه
هي والخط الزين…
ورثاه العالم العلم السميدع الشاعر المجيد الداه ول سيدلمين ول احمد :
سبك القريض وسكب الدمع شيئان
ضدان كلهما يغري بأحزان
لما أذيع بنعي الشيخ وا أسفي
إن العدالة قد ماتت بفقدان
من شيد الحق لم يعبأ بعاذله
من هدم الظلم من أرباب طغيان
يبكي الضعيف الذي بالمال يتحفه
يبكي الغريب الذي يؤوي بأوطان
تبكي الشهامة من فقدان حائزها
تبكي العشيرة من فرد بلا ثان
رزء له ظلت الأشجار باكية
والطير في أيكها تبكي وفي البان
حق البكاء لمن يبكي على بطل
ما أنجبت مثله حورا لإنسان
لا يذكر المرء في شيء يعز به
إلا وفاز به في كل ميدان
لا يوجد الدهر في فوضى ولا هذر
بل يقرأ الكتب من فقه وقرآن
لو كان بالألف قد يفدي لجاد بها
كل العشيرة من أعيان فتيان
لكنما الأمر للمولى وليس لنا
إلا الرضا بقضاء الباقي في الفاني
الله أكبر يا رباه تجعله
مثواه من بعدنا جنات عدنان
وارحمه في قبره رحمى تؤنسه
من وحشة القبر مع حور وولدان
و اجعل له رتبة الأقطاب كاملة
لم يخش من فضلكم منها لنقصان
و اجعل له منزل الصديق في سعة
وباقي العشرة الأخيار الاعيان
صلى الإله على المختار ما حكيت
سبك القريض وسكب الدمع شيئان .
ورثاه الاديب الاريب الشاعر المبدع الطبيب الاخصائي الدكتور الشيخ ول دومان ول الشيخ :
هي الموت حكم في الحياة محققُ
ويجري علي كل الفروع يطبقُ
فتلك جموع قد تلا شت واخفقت
وتلك جموع من جديد ستخلقُ
وينشد زيد في رثاء خليله
وهند لمولود جديد تصفقُ
وتنقلب الأحوال في كل لحظة
ويفتح باب للسرور ويغلقُ
ولولا بأن الله يرحم عبده
فينسى كثيراً إن ربك مُشفقُ
ولولا اعتقادي في الإله وعدلهِ
لما كنتُ بعد الشيخ في الأرض أرزقُ
رمى الناعي المشؤوم سهم وفاته
فصِحتُ ونفسي لا تكاد تُصدقُ
بكيت ويا ليت البكاء يعيده
فأسكب من تلك الدموع فأغرقُ
ولو كان يجدي أن أجيد رثائه
لكان كلامي من جديد يُعلقُ
فيحزن صخر غيرة من رثائه
ويخسأ من حسن الكلام الفرزدق
فذاك نزار قاصر عن مثيله
وذلك مفدي شعره يتمزق
شجاع تذل الأقوياء لعدله
تنوح عليه الأرض حباً وتقلقُ
ويرثيه قصر كان ينصف أهله
وكل جماد بالحقيقة ينطقُ
ومظلومه المسكين أخفق سعيه
وقد جاء يوماً كان فيه يصدق
أُسائلهُ والدهر قيد صوتَه
وقد كان في رد الجواب يوفقُ
ألا يا ضريح الشيخ هلا أجبتني
بأن وريثاً للذكاء سيخلقُ
يراعُكَ يبكي أنه شُل سيره
وكم كان يجري في السباق فيسبقُ
حياتك يوم خالد رغم ضيقه
وذكرك نجم ساطع متألقُ
وفضلك يبقى بعد موتك قائماً
وذكراك تبقى في القلوب فتحرقُ
عزاؤنا في ابنيه ولدينا المحروسين سمي والدنا اجيد وسميي محمد يحيى لا زالت عناية الله تكلأهما ولا زالت افضال الله علىّ وعليهما وافرة ، وكان الله لي ولهما وليا ونصيرا .
والدة اجيد ومحمد يحيى ابني الشيخ هي الكريمة بنت الكرام الحصان الرزان الماجدة سليلة بيت العلم والسيادة ، بيت العزة القعساء والامارة التليدة السالمه بنت محمد محمود ول النهاه ، تزوجها وهو ما زال قاضيا متدربا في المعهد العالي للبحوث والدراسات الاسلامية حتى وفاته رحمة الله عليه . جزاها الله خيرا عنه وعنهما وعنا جميعا احسن الجزاء .
اللهم انه كان برا بوالديه وبنا جميعا وبالاهل والجيران وبمن حوله اجمعين اللهم اكتب ذلك في ميزان حسناته وادخله في رحمتك يا ارحم الراحمين .
ما أشد قسوة الكتابة حين يكون المداد دمعا ، والقلم جمرة ، والسطر جرحا مفتوحا على امتداد العمر . لطالما حاولت أن أكتب عنك ، أن أرثيك بكلمات تليق بك ، لكن العبرات كانت تخنقني كلما هممت بذلك ، وكأن يدي تأبى أن تسجلك في عداد الراحلين ، وكأن القلب يرفض أن يعترف بفقدك . كيف أرثي من لم يمت ؟ كيف تأبين من أراه في كلّ زاوية ، وأسمع صوته في هدأة الليل ، وأحس بطلعة وقاره كلما استحضرت مواقف عزه وسمو خلقه ؟
لقد غبت عن الأعين ، لكنّك لم تغب عن القلب ، ولم تبرح الذاكرة لحظة واحدة . سنوات طوال مضت ، وأنا أراوغ الكلمات وأتهرب من الاعتراف بفقدك ، لأنّني في قرارة نفسي ، لم أقتنع يوما أنك رحلت . ولعل ذلك لأنك شهيد ، والشهداء لا يموتون ، بل أحياء عند ربهم يرزقون . وكيف لا تكون شهيدا ، وقد عشت حياتك كلها تقيا بارا لوالديك محافظا على صلاتك ، مواظبا على تلاوة القرآن ، وكنت مثالا نقيا للعزة والنبل والإخلاص ؟
هذا الصباح ، وكأن سدود الصمت انهارت دفعة واحدة ، وكأن الذكريات احتشدت لتُكتب دون استئذان . رأيتك كما كنت ، بسمتك المطمئنة ، هيئتك المهيبة ، كلماتك التي كانت تسكن القلب قبل أن تصل إلى الأذن . لأول مرة ، شعرت أنني قادر على أن أكتب ، أن أبعثك في الحروف ، أن أرسمك بالكلمات ، لا لأرثيك ، بل لأؤكد أنّك لم تبرح مكانك فينا ، وأن حضورك سيظل أقوى من الغياب .
اثنتان وثلاثون سنة هي مدة حياتك ، لكنها كانت زاخرة بما يملأ أعمارا مديدة . واليوم ، وأنا أستعيد تفاصيلها ، أدرك أنك لم تترك فراغا ، بل تركت أثرا لا يمحى . ونحن مهما كتبنا فلا توفيك الكلمات حقك ، ولا يحيط بك النسيان .
أيها الأخ والصديق والمستشار ، أيها القاضي العادل ، والإعلامي النابغ ، أيها النجم الذي أضاء سريعا وانطفأ سريعا ، سلام عليك في الخالدين ، سلام على ذكراك التي لا تموت ،
سلام عليك في الآخرين ، سلام عليك في الصالحين وسلام على روحك في جنات النعيم .
شيخ زاوية سيد بوبكر الكنتي/ محمد يحيى ول اجيد ول الشيخ