
قبس ـ خاص.
لم تشفع قرون مدينة شنقيط الأثرية؛ -على ما يبدو- من أن ترتفع أصوات المنتقدين لبرنامج النسخة الحالية من مهرجان مدائن التراث (النسخة ال 13)، التي انطلقت الجمعة الماضية واختتمت ليل الثلاثاء ـ الأربعاء في المدينة الأثرية القديمة بولاية آدرار شمال البلاد..

المدير العام ل(إيسيسكو)
وٍبالرغم من الارتفاع الملحوظ لتمثيل الحضور من الشخصيات الثقافية العالمية من أمثال: أودري أزولاي: مديرة اليونسكو، ومحمد ولد أعمر مدير المنظمة العربية للثقافة ( الاليكسو؛)، و سالم بن محمد المالك، المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)،وجاك لانغ مدير معهد العالم العربي في باريس؛ إلا أن أخطاء في البروتوكول دفعت بولد أعمر إلى الكتابة عنها؛ حسرت الأضواء عن حضور هؤلاء الشخصيات.
غير بعيد من كل ذلك كانت ” الكارثة ” حسب الكثير من المتابعين: وهي استقبال عالم الآثار الفرنسي برنارد سيزون وما صاحبها من تفاعل على وسائل التواصل الاجتماعي في موريتانيا؛ والتي قضت على آخر أمل في إنقاذ سمعة هذه الدورة من المهرجان، ذلك قبل أن يقضي عليها امتعاض الموسيقار، عرفات ولد الميداح؛ حين فجر مفاجأة مدوية في الوسطين الفني والإعلامي؛ فكتب هو الآخر عن تعمد تجاهل ذكر اسمه في حفل الافتتاح كملحن للنشيد الرسمي للمهرجان..
البروتوكول أولا …
كان مشهد رؤساء البعثات الديبلوماسية الذين يبحثون عن مقاعد في سهرة الافتتاح؛ كافيا لدق ناقوس خطر حقيقي عن واقع البروتوكول في موريتانيا؛ وكيف تسبب في حرج رسمي للحكومة الموريتانية أمام ضيوف مهرجان أريد له أن يكون بطاقة هوية ثقافية وسياحية ودبلوماسية للبلاد.
هذا الواقع؛ دفع الدكتور محمد ولد أعمر مدير المنظمة العربية للثقافة والعلوم للكتابة منتقدا البروتوكول، بهذه الكلمات:
“.. في الطب يقال إن العين هي المرآة العاكسة لصحة الجسم وفي الدبلوماسية يعتبر البروتوكول هو المرآة العاكسة لصورة البلد …تفعيل دور البروتوكول واكتتاب مجموعة من الشباب والشابات متعددي اللغات وتكوينهم …وتدريب كبار المسؤولين…وتعيين متخصصين في البروتكول في الوزارات والسفارات …سيساهم فى إعطاء الصورة التي تليق بهيبة الدولة وأصول التعامل …السفارة الثقافية دعامتها الإعلام والبروتوكول”
16 مليار أوقية وامتعاض رسمي علني
انتقاد ضحايا البروتوكول؛ وصيحات من يعتقدون أنهم تعرضوا للظلم أو التهميش؛ وتدوينات وتغريدات المحبطين من المشتغلين بالثقافة والفنون طغت على الحدث الثقافي الأبرز خلال العام والذي ينتظره سكان المدن القديمة في موريتانيا؛ – والتي حملت اسم الموريتانيين في كل أصقاع العالم (شنقيط) كل ذلك ـ شوش على نسخة شنقيط 2024 والتي شهدت – ولأول مرة – انسحاب رئيس الجمهورية محمد ولد الغزواني من سهرة الافتتاح.

لم تتوقف الانتقادات عند هذا الحد؛ حيث كتب الموسيقار عرفات ولد الميداح عن عدم ذكر اسمه كملحن للنشيد الرسمي لنسخة هذا العام؛ كما استنكر الظروف التنظيمية التي طبعت نسخة هذا العام، والتي قالت الحكومة الموريتانية إنها صرفت فيها ما يناهز 16 مليار أوقية..، واتفق أهل شنقيط وزوارها من الداخل والخارج والمشاركون في المهرجان أنهم لم يلمسوا أثرا واصحا وحقيقيا لهذه المليارات.
سابقة من نوعها
في السهرة الأولى من مهرجان مدائن التراث في مدينة شنقيط التاريخية؛ استغرب الحضور من انسحاب الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني خلال السهرة الافتتاحية، وهو عرف لم يسبق في تاريخ تنظيم هذه التظاهرة الثقافية ذات المكونة التنموية، حيث ظل الرئيس حاضرا ضمن فعاليات الافتتاح الرسمي على الأقل، حضور يبرره المنظمون بأهمية المهرجان في بعث رسائل مطمئنة على سير الفعاليات وفقا للخطة المرسومة والمتابعة الشخصية لمجرياته.
لكن انسحاب الرئيس، أثار أسئلة قد تكون غير مؤجلة حول امتعاضه من التنظيم والأخطاء البروتوكولية الفادحة التي ربما أحرجت الرئيس شخصيا، حسب ناشط في لجنة شباب الحزب الحاكم فضل عدم الكشف عن صفته.
محتوى متقعر …ومنصة بلا بوصلة

انتقد مثقفون ونشطاء مؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعي وعديد الضيوف من المدينة ووافدين اليها ، المحتوى العلمي والثقافي الذي قدمه المنظمون لنسخة هذا العام من مهرجان مدائن التراث؛ بعد الحملة الإعلامية الكبيرة التي قادها شخصيا وزير الثقافة الدكتور الحسين ولد مدو ، حيث أكد خلال أكثر من خرجة إعلامية أشهر قبيل تنظيم المهرجان ، أن تنظيم هذه النسخة سيكون استثنائيا مقارنة بدوراته السابقة ، من حيث المحتوى والعروض المقدمة والمعارض المصاحبة والتظاهرات الأدبية والفنية ، والمسرحية والأنشطة الرياضية ، وفوق كل ذلك تدشين المشاريع التنموية .،
لكن صدى الفعل الثقافي للمهرجان المبثوث – وعلى العديد من المنصات ووسائل الاجتماعي – على المنصة الرسمية للمهرجان كان مخالفا لكل التوقعات حسب المتابعين والحضور، فقد كانت المنصة فوضوية، وغير منظمة ولا منتظمة على الأقل في فقراتها والتي تخللتها إلقاءات شعرية غير مبرمجة أصلا لتغطية فقر في الفقرات وامتعاض بعض المشاركين فيها.
فيما تعالت صيحات سكان المدينة اللذين اكتظت عليهم ساحة الفرجة فلم يجدوا مقاعد للسمع بل ومنع أغلبهم من الدخول فوثقوا الموقف بهواتفهم.
عالم آثار عالق … (مكتشف موقع آزوگي التاريخي)
حين كان البروفيسور بيرنار سيزون عالم الآثار الفرنسي المفتون بموريتانيا وتاريخها وتراثها، يهم بالحديث مع ” قبس الإخباري” في بهو استقبال فندق ” موريسانتر ” الذي يُقيم فيه سيزون؛ كانت جحافل مسؤولين وموظفين من الرئاسة ووزارة الثقافة والفنون؛ تحاول في ماراتون أعصاب ترضية العالم الفرنسي الذي عانى الأمرين بسبب قبول مشاركته في نسخة شنقيط من مهرجان مدائن التراث.

يقول الدكتور م (فضل عدم الكشف عن هويته) إن سيزون ” يعود له الفضل في اكتشاف موقع آزوگي التاريخي وله عدة مؤلفات تغوص في التاريخ الموريتاني”
اعتذر البروفيسور عدة مرات، وهو الخبير بالمنطقة ويدرك تمام الإدراك أن سفرا بهذه الصعوبة لم يعد يتماشى مع عمره. قال لهم: “أنا تعديتُ الثمانين ولم يعد باستطاعتي تحمل سفر كهذا.”.
أصرَّ المنظمون على استدعاءه قائلين إن غيابه غير مقبول، وهو مُكتشِفُ آزوگي والمهرجان في آدرار قال لهم: “…
إنه لا يستطيع تحمل الطريق بين نواكشوط وشنقيط ” فقالو له إن نقل كبار الضيوف سيتم على متن طائرة بين نواكشوط وأطار، ثم سيارة مكيفة بين أطار وشنقيط.
وافق العالم على مضض لأنه يحب موريتانيا ووصل بالفعل إلى مطار نواكشوط ليلة الجمعة، الساعة الواحدة صباحا على متن الخطوط الملكية المغربية.
لم يكن في استقباله أحد. انتظر طويلا. حاول الاتصال ولكن لا أحد يجيب.,
في حدود الثالثة صباحا طلب منه أفراد الشرطة مغادرة المطار والانتظار في الخارج..
جلس على مقعد حديدي ينتظر الصباح.
في حدود التاسعة هاتف صديقه البروفيسور عبد الودود ولد الشيخ المتواجد في فرنسا.,
على الفور اتصل عبد الودود بصديقه الباحث محمد فال ولد اباه ولد حامد الذي توجه صوب المطار بمجرد انتهاء المكالمة.
طبعا أخذ عالم الآثار في سيارته وتواصل مع جميع موظفي وزارة الثقافة المتواجدين في هاتفه المحمول.,
وكانت خامس محاولة من نصيب مدير المتحف الوطني محمد محمود ولد أب ولد أنه، الذي منعته ظروف صحية من السفر إلى شنقيط، فقال لهم تلقائيا: “توجهوا إلى فندق مورسانتر وهو المخصص لضيوف المهرجان، إذا كان اسمه هنالك يأخذ غرفته وإلا فها أنا في الطريق إلى الفندق وسأتحمل تكاليف إقامته شخصيا”.
في الفندق أخذ الضيف قسطا من الراحة وفي المساء زاره موظف من وزارة الثقافة وقال له إن الطائرة المتوجهة إلى أطار سوف تُقلع صباح السبت وإنه شخصيا سوف يأتي إلى الفندق لنقله إلى المطار والتكفل بجميع الإجراءات، وطلب منه التواجد في بهو الفندق عند تمام الساعة السابعة صباحا.
ثم عادت حليمة إلى عادتها القديمة.. بعد الساعة الثامنة والنصف دخل الموظف الفندق يتبختر، ومن الواضح أنه استيقظ لتوه., قال للبروفيسور إنه متعب بسبب مشاغل المهرجان ولذا استيقظ متأخرا., أما الطائرة فقط أقلعت بالفعل ولكن لا مشكلة، السيارات متوفرة..
وشكره الشيخ الوقور بهدوء قبل أن يقول له إنه لا يمكنه السفر برا، وقال له إنه في غاية التعب وكل ما يريده هو الرجوع إلى فرنسا في أسرع وقت.
في مساء نفس اليوم هاتفه قائلا إنه عجز عن حجز مقعد على أية رحلة، ولذا ما عليه سوى انتظار رحلة الإياب المبرمجة سلفا يوم 17 ديسمبر.
ولا يزال البروفيسور بيرنار سيزون متواجدا حتى هذه اللحظة (لحظة الكتابة) في فندق موريسانتر، وأقصى ما يتمناه على بلادنا (المضيافة) هو أن تعيده إلى أهله في أسرع وقت ممكن.
الكل غاضب
عبر الشيخ أحمد أبو المعالي؛ وهو فاعل سياسي؛ ورئيس جمعية الشيخ أحمد أبي المعالي للعمل الخيري والثقافة والتراث عن رأيه في نسخة هذا العام عبر صفحته على الفيسبوك” بعد ما أشيع عن مهرجان مدائن التراث المقام بمدينة شنقيط وما حصل فيه من أخطاء فادحة على مستوى الشكل والتنظيم والمحتوى؛ أصبح من الضروري المراجعة الجادة التي تضمن تحقيق الحد الأدنى من أهداف هذه التظاهرات أو تُلغى فكرة المهرجان من أساسها “
أحمدو الشاش:
“الأخطاء التنظيمية والبروتوكولية والارتجال والتخبط سيطرت على المشهد في المهرجان؛ الذي صرفت فيه 16 مليار دون فائدة؛ لا تاريخ ولا تراث ولا لمدينة شنقيط، ومن أبرز الفضائح ما جرى للشيخ العجوز الفرنسي، بيرنارد سيزون؛ وهو عالم إيكولوجي عمل في موريتانيا خلال العقود الماضية ونجح في استكشافات كبيرة في عدة مناطق من البلاد
ووزارة الثقافة استدعت الباحث لحضور مهرجان مدائن التراث لهذا العام ونظرا للفوضى والارتجال؛ بات ليلته الأولى على مقاعد الانتظار في المطار؛ ثم ذهبوا به إلى الفندق ونسي الضيف الذي استيقظ متأخرا عن الطائرة التي كان مقررا أن تُقله إلى شنقيط؛ ورفض سيزون السفر في السيارة لعمره وضعفه؛ مما حال دون حضور المهرجان ليرجع إلى بلاده مستاءً”.
الدكتور خالد عبد الودود:
“بعد 13 نسخة من هذا المهرجان لا ينبغي أن تتشابه المهرجانات حدّ التطابق…
إخفاقات هذه الدورة تتمثل أساسا في الفشل الإداري للمهرجان بدءًا بالطريقة البدائية في توجيه الدعوات وصولا لفوضى المنصة وانتقائية المشاركات وتكرار الأوجه والتغييب التام للشعراء ذوي الرأي المُخالِف تماما، ما يعطي انطباعا بأن المهرجان هو مهرجان سياسيّ لا يشارك فيه إلا الموظفون الرسميون وشعراء الموالاة، وليس مهرجانا ثقافيا وطنيا مفتوحا للشعراء والفنانين الموريتانيين كافة، وأبرز الإخفاقات هو التغييب التام للسكان المحليين وعدم إتاحة الفرصة لهم لإظهار مبدعيهم وخصوصيتهم الثقافية المحلية: لا يوجد ما يميز هذه الدورة عن سابقاتها سوى وجود وزير ثقافة جديد يعتبر من أهم وجوه الثقافة والإعلام قي البلد.
المؤمل من المهرجان هو تدويل الثقافة والتراث الموريتانيين، وتسويق التراث
نقابة المهن التمثيلية خارج شنقيط:
وجه نقيب المهن التمثيلية في موريتانيا عبد الله محمد سعيد، رسالة إلى وزير الثقافة بعد تغييب المهن التمثيلية عن مهرجان شنقيط، مؤكدا أن استبعاد أصحاب الخبرة الفنية والمبدعين الحقيقيين أدى إلى قصور واضح في التنظيم والإبداع، وجاء في رسالة ولد محمد سعيد:” لقد أثبتت التجارب السابقة أن استبعاد أصحاب الخبرة الفنية والمبدعين الحقيقيين أدى إلى قصور واضح في التنظيم والإبداع. إن تجاهل النقابات الفنية والمبدعين الفاعلين يُعد إهداراً لفرصة الاستفادة من طاقاتهم وأفكارهم، وحرماناً للوزارة من شراكة كان الأجدر بها أن تكون أساسية”.
وأضاف نقيب المهن التمثيلية:
” الثقافة هي روح الأمة ومرآتها التي تعكس هويتها وعمقها الحضاري، ومسؤوليتكم اليوم ليست مجرد إدارة قطاع وزاري، بل قيادة مشروع وطني لإحياء الهوية وتعزيز دور الثقافة كرافعة للتنمية”
لوبيات محنطون …
إن تنظيم المهرجان في المدن القديمة، وإن لم تعد مدنا بالمقاييس العالمية الحديثة، له من الإيجابيات ما يجعله مستساغا بل مطلوبا، ذلك أنه يتيح الفرصة للتعريف ميدانيا بهذه الحواضر وما تحويه من كنوز، ناهيك عن آثاره الاقتصادية والاجتماعية، على الساكنة.
, وقد اختيرت هذه الطريقة أصلا لئلا تموت تلك الحواضر مما قد يؤدي إلي شطبها من قائمة التراث الإنساني ولتظل شواهد حية علي “بداوتنا العالمة”.
لكن المعضلة هي انعدام الحرفية في تنظيم تظاهرات دولية بهذا الحجم في أماكن أثرية لا تتوفر بالضرورة على المرافق اللازمة.,
ولتفادي النواقص التي قد تكون لوحظت في الماضي كما في الحاضر رغم التضحيات الجسام التي بُذلت من لدن الفاعلين المحليين، ينبغي في نظري، اتخاذ التدابير التالية:
– إنشاء هيئة دائمة تُعني حصرا بتنظيم مهرجانات “مدائن التراث “وتكوين طواقمها حتى تكون على مستوى الحدث، متأسِّيةً في ذلك بأكثر البلدان خبرة في المجال، والتعاقد مع الهيئة المذكورة، للوصول إلى النتائج المرجوة،
– إعداد تصور مالي وعلمي وفني يحيط بجميع فعاليات المهرجان من فنون مختلفة، وخطابات ومحاضرات وجدولة دقيقة لكل تلك الفعاليات وتحديد المسؤولين عنها وإخضاعها للعرض والتقييم المسبق من قبل لجنة عليا تضم كل الخبرات المطلوبة،
– منح الأولوية المطلقة في الإيواء والضيافة والتدخلات والمقاعد، للمدعوين الأجانب وإحاطتهم بالعناية اللازمة من حيث الإرشاد والمرافقة والمجالسة،
– حصر المدعوين الوطنيين على الشخصيات التي لديها صفة معينة أو إسهام معلوم في المهرجان مع توخي الصرامة التامة في احترام أماكن ومقاعد جلوسها في المحافل الرسمية للتظاهرة،
– تحديد أماكن الإيواء مسبقا والتأكد من جاهزيتها ومن جاهزية المضيفين والسلامة الصحية للأطعمة وملاءمة المكان والتأكد من وجود الماء والكهرباء فيها خاصة بالنسبة للضيوف الأجانب،
– المنع المطلق من الولوج إلى المنصة الرسمية لمن لا يوجد اسمه في اللائحة ولم يخصص له مقعدا سلفا.
هذا مع إجراء التمارين التحضيرية ومشاهد للمحاكاة (simulation) لكل الفعاليات والنشاطات المبرمجة حتى يتم التأكد من وجاهتها وضبط التنسيق والجدولة للحيلولة دون الارتجال والتداخل والتزامن أو الإقصاء، على أن يُدرج مسار المهرجان برمته ومختلف فقراته ضمن تطبيق معلوماتي يتم تشغيله من طرف أخصائيين، يديرون العملية إلكترونيا ويراقبون مجرياتها.
ولمزيد من ضبط العملية، يتعين إعداد ميثاق أخلاقي يحدد المبادئ والمسلكيات التي يتحتم أن تحكم المهرجان وتضع الآليات الضرورية لاحترام الضوابط، علي يتم توقيع الميثاق من لدن كافة الشركاء المؤسسيين المعنيين.

من يُنصف الوزارة؟
قال وزير الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان، الناطق باسم الحكومة، الحسين ولد مدو، إن “رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، عبر في أكثر من ملمح عن تثمينه لموروثنا الثقافي الغني، فوجه بالاعتراف باكرا بأدوار ومساهمات كل الفاعلين في هذا التاريخ الثقافي من فقهاء وأدباء وحرفيين وبنائين وعمال، مشيرا إلى أن ذلك كان اللبنة الأولى في صرح العدل والإنصاف والمساواة الذي أسس له رئيس الجمهورية، وأرسى دعائمه”.
وأضاف ولد مدو في خطاب افتتاح نسخة مدائن التراث لهذا العام؛ أن ولد الغزواني ” وضع مقاربة ثقافية تنموية للحفاظ على هذا الإرث الغني وتنميته، تتجاوز رؤيتها الاحتفاء بالماضي إلى الاهتمام بالحاضر واستشراف المستقبل، كي تظل الحياة سارية في حواضر وحواضن ذلك الموروث، فأعطى فخامته تعليماته السامية بإضافة مكونة تنموية متعددة القطاعات لمهرجان مدائن التراث من أجل تثبيت الساكنة في هذه المدن وتوفير وسائل العيش الكريم”.
وبين ولد مدو أن” هذه المكونة التنموية تستفيد منها اليوم مدينة شنقيط، على غرار وادان وتيشيت وولاته وجول، بغلاف مالي وصل إلى أربعة مليارات أوقية قديمة وجهت لمجالات متعددة شملت دعم الخدمات الأساسية من كهرباء وماء وتعزيز البنية الصحية والتعليمية والتشغيل والتكوين، وتثبيت الرمال، وافتتاح الإذاعات والمتاحف ومراكز التكوين المهني، والصناعة التقليدية، ودعم المحاظر والمساجد والتعاونيات النسوية، والمشاريع الصغرى، والاتصالات وغيرها من المصالح المرتبطة بتوفير الحياة الكريمة وبخلق فضاء للتنمية”.
وأشار إلى أن هذه النسخة من مهرجان مدائن التراث امتازت بترفيع بارز للمحتوى العلمي، من خلال سلسلة من الندوات والمحاضرات تقدمها نخبة من الدكاترة والمحاضرين والباحثين في مجالات علمية وثقافية وتراثية تتعلق بمدينة شنقيط..
لحن المهرجان وحقوق الملكية الفكرية …
في حديثه مع ” قبس”، استغرب الموسيقار عرفات ولد الميداح من تجاهل المنظمين لنسخة شنقيط 2024 في مهرجان مدائن التراث من عدم ذكر اسمه مع تقديمهم النشيد الرسمي للمهرجان الذي أشرف على تلحينه وتوزيعه وتسجيله،
وأضاف الفنان عرفات الميداح في مقابلة مع ” قبس الإخباري” ،وكان الموسيقار ولد الميداح ،عبرمن خلال صفحته على الفيسبوك عن امتعاضه من موقف الوزارة .
وأكد عرفات لموقع قبس الاخباري، على أن ” عدم الإشادة بجهوده في النشيد الرسمي للنسخة الثالثة عشرة من مهرجان مدائن التراث وما أثاره من اللغط في الفترة الأخيرة لدى الجمهور ليس بالأمر الجديد عليه؛ إذ تعود على الكثير من الإهمال والحرمان من الظهور في مناسبات فنية وثقافية بصفته منتجا لأكثر الأغاني الوطنية في موريتانيا”
وأضاف عرفات “أنه لا يعير كبير اهتمام لحضور المهرجانات ونفس الشيء بالنسبة للنقابات، لأنها في بعض الأحيان تنافي قناعته الشخصية”.
وأكد ولد الميداح أنه ” يملك استديو تسجيل يقوم فيه بإنجاز أعماله الخاصة، لكن خلال هذه السنة، طلبت منه وزارة الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان إنجاز نشيد النسخة الثالثة عشرة من مهرجان مدائن التراث، وفي نهاية العمل قام بوضع شعار شركته على النشيد، لكنهم طلبوا مني نزع الشعار عن النشيد واتفقوا على أن يتم ذكر اسمه في تقديم المهرجان وهو ما لم يتم في الليلة الأولى عندها تفاجأ الموسيقار من هذا التصرف، مؤكدا أن لديه تجربة مماثلة مع القطاع الوصي خلال نسخة المهرجان في ولاته عام 2013.”
حسابات العودة …
انفض الجمع وودعت شنقيط مواكب الزائرين والرسميين ضمن النسخة الثاثة عشرة لعرسها الثقافي ليل الثلاثاء / الأربعاء، كما ودعت قديما الفاتحين والحفاظ والزهاد، وبقيت واقفة تتشوف للقادمين إليها وتحتضن أبناءها
لكن تداعيات المهرجان على المستوى التنموي والذي تضمن توزيعات نقدية لصالح الأسر المتعففة وذوي الاحتياجات الخاصة، وتدشينا لبعض المنشآت الخدمية المدنية تبقي نسبة قليلة من مكونة تنموية بغت أكثر من 4.9 مليار أوقية.