غيب الموت في الجمعة الثانية من شهر رمضان للعام ألف وأربع مائة وخمسة وأربيعين بعد هجرة المصطفى عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، الوجيه الشاعر، المربي الحاذق، السياسي الوازن، البرلماني الواثق، الفنان المبدع، الخطيب البليغ و الرجل النبيل الذي سخر صحته، معرفته، مرحه وحسه المرهف لرفعة موريتانيا و الانتصار لتميز أهلها.
هيج رحيل الزعيم جمال عبد الناصر، ومسارح آل نكذي الغنائية، عاطفة الانتماء في قلب معلم شاب على ضفاف نهر صنهاجه، مستحضرا العبور البطولي لحماس فرقة حيه ” اغفاله”، النهر بعد انتزاع استقلالهم الثقافي في أضخم مهرجان لاستيلاب ثقافات الشعوب المستعمرة؛ علق بذاكرته نصاعة حجاب ناعم تدثرت به ضفائر جميلات شمامه، في إنشاد لذيذ للازمة نشيد النصر ” يلالي أراعي سبانه ندر”، احتفاء بظفر المرجعية المغفرية لأهل مدينة صمبه بن السنيح. نضجت الفكرة في صمت قيلولة بعقل وقلب الفتى، ليطلق أول فرقة فلكلورية محترفة للثقافة الشعبية” السبينيات”، بالصحراء الكبرى، أهدت ذائقة الأجيال رطب التراث، مبدعة حفظه وتطويره في حيز تكالبت على هويته شراسة ثقافات عدة.
روت جميلات “السبينيات” وفتيانها للعالم بأسره، ملامح هويتنا عبر مسرح غنائي فصيح بهندام أميري أنيق وحلي مرصعة بزينة الكرامة و أسلحة ترش الجهل والتخلف ببارود الحضارة.
واكبت بإقدام الحب ملحمة بناء الوطن الموريتاني، عارضت بطش الجفاف، ورافقت الجنود في ساحات الشرف، أنارت سبيل كنوز شمامه؛ رسمت وجه الأمة الموريتانية الجميل في محافل العالم، مسدية للدولة حضورا من دبلوماسية موازية، لا ينطفئ.
بهرت وفود العرب في العام الرابع من ثامن عقود القرن العشرين، متصدرة عروض المهرجان العربي السادس للفنون الشعبية بالمملكة العربية السعودية، ليتسلم قائدها وملهم مبدعيها تكريم خادم الحرمين الشريفين، الذي نحر وزير ثقافته بأوامر ملكية مائة ناقة احتفاء بالسمر المغفري لعروس المهرجان “السبينيات”.
بعد عقد من تكريم العرب خطفت الفرقة أضواء مسارح النسخة الثانية من مهرجان الفلكلور والتراث الفرانكوفوني بفرنسا؛ لتواصل مسيرة الانتصارات في الولايات المتحدة الأمريكية والعواصم العربية، الإفريقية، الأوروبية والآسيوية.
رحم الله العملاق المسكون بحب موريتانيا، محمد فال بن طيفور، وتقبله بإذنه تعالى، في أعالي الفردوس. إنا لله وإنا إليه راجعون.