
لكن مؤشر قياس الأشواط التي تقطعها أي دولة في مسار الحكامة هو الوضوح والشفافية التي تنبني على الوصول للمعلومة كحق كوني والإفصاح عن تقارير هيئات الحكامة، وكل دولة تعدم هذا المؤشر هي: دولة مع وقف التنفيذ..
“ستة عقود مضت من عمر الدولة الموريتانية” ولا يمكن لأحد التنبؤ بمسارها، ولا تشريح أوجاعها المميتة والمتسربة في كل مفاصلها، ما دامت تقارير هيئات الحكامة تسلم لغرفة مظلمة باردة بركن قصي من أركان أنواكشوط في بروتوكول عادي وطبيعي يتعاطى الإعلام صفحته الرئيسية ويغيب مضمونه بصورة..
لا يمكننا أن نتحدث عن ربط المسؤولية بالمحاسبة، ولا عن تنمية تشاركية ما دام آخر تقرير نشر لمحكمة الحسابات يعود الى بداية العشرية، واليوم ترقد بهدوء تقارير اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، والآلية الوطنية للوقاية من التعذيب التي سلمت أمس الأول للغرفة الناعمة ذاتها، بعيدا عن الرأي العام والنخب والهيئات المحسوبة على المجتمع المدني كشريك في نقد وتوجيه وتجويد ممارستها..
إن سياسة التعتيم تفرغ تدخلات هذه الهيئات من روحها القانونية والتدبيرية وتؤسس لدولة غير متصالحة مع ذاتها..
فالتنمية شمولية أو لا تكون..
وكلما تأخر نشر هذه التقارير غاب المؤشر وأصبح علاج المشكل العمومي تعجيزيا مهما كان الجهد المبذول، وتجزيء الشفافية غير قابل للتأجيل ولا للمضاضات الحيوية وقد يعيد بلد في طور التعافي من مرحلة التقويم الهيكلي سنوات إلى الوراء..
وكل الدول التي وصلت إلى التقدم والازدهار وصلته بوضوح وكرامة وشفافية…!