
كتب السالك زيد
كل صحفي وهو في بداية مساره المهني لابد أن يتعلم مهارات السرد القصصي وأنسنة التقارير والقصص لكي يجعل المتلقي يقرأ أو يشاهد مواضيع قد لا تكون لطيفة أو مسلية بالضرورة، ببساطة لأن الإنسان بطبعه يتذوق القصص وتلامس قلبه أكثر من أي أسلوب آخر، من الصحفيين من يعاني من أجل خلق أسلوب خاص، ومنهم من يظهر تمكنه في أول محاولة ثم تنطلق شرارته.
اقريني أمينوه أحد هؤلاء الصحفيين الذين ينحتون القصص من أبسط التفاصيل بأسلوب سهل ممتنع في آن واحد.. وهبه الوهاب هذه الموهبة فلم يكن بحاجة إلى تعلمها حينما كان يتلمس طريقه في الصحافة قبل عقد وبضع سنين مما تعدون، غير أنه كان يحتاج فرصة لتفحص “وجوه من نواكشوط” لكي تستفز تجاعيد الكادحين وحكاويهم الكاتب الذي تكبح معارك الحياة اليومية انطلاقته، فلا يكاد يبدأ في مشروع حتى يؤجله إلى أن ينتصر في معركة تسديد فواتير مستعصية على من يوفرون لقمة عيشهم من الإخبار ورواية القصص.
لا غرابة في أن يكون أول إصدار لأقريني عن “وجوه من نواكشوط” فأقرينني العاشق للبساطة يجد نفسه بين البسطاء أكثر من أي مكان آخر.. علاقته بصاحب التكسي وبائع الرصيد والنعناع والعامل في الدكان وحراس المنازل وأصحاب العربات.. إلخ ليست علاقة كاتب يتفحص الوجوه بحثا عن زوايا تولد قصصا ثم منشورات ثم تفاعل ثم شهرة ومال، بل علاقة إنسان يجد سعادته في بناء علاقات مع هؤلاء ويشحذ همته من قصص كفاحهم لكي يعيش وهو يعيش ليكتب.

قصص اقريني لوحة تجمع تناقضات الحياة اليومية.. تمزج بين خيبات الأمل ولحظات الانكسار والضعف وساعات ارتفاع منسوب الأمل والسعادة.. تسرد كيف يكافح أحد هؤلاء من أجل لقمة عيشه رغم ما تجود به الأيام من عراقيل وتحديات لا حصر لها، قد يراها البعض بسيطة للغاية ويراها شخوص “وجوه من نواكشوط” عقبة كأداء يصعب تجاوزها لكنهم يتسلحون بالإيمان ويمضون قدما.
في القاهرة هذا الأسبوع سيعلن اقريني عن أول انتصار له حقيقي على التحديات اليومية ومعاركه الصغيرة، حيث يرى كتابه “وجوه من نواكشوط” النور، وفي القاهرة كانت هذه بداية كتاب كبار علاء الأسواني الكاتب المفضل لدى اقريني ولدى أحد هؤلاء.