أرومة المكارم والفخار . الولي ابن الولي .
مساء النصف من شهر الله شعبان 1445 للهجرة على صاحبها اطيب الصلاة وازكى السلام انتقل الى الرفيق الاعلى السيد الرئيس الاغر السميدع النائب الموقر سيد احمد بن محمد محمود الملقب اج بن احمد بن محمد محمود بن احمد بن سيد احمد الملقب المينوه بن سيدلمين بن الطالب سيد احمد بن سيد اعمر بن محم بن سيد الوافي بن سيدي بوبكر ( عزري لحويطات ) تغمده الله بمغفرته وانزل عليه من شآبيب رحمته الواسعة .
سار على خطى والده اج ول احمد واخذ عنه اخذ القدح بالقدح وحذاه حذو النعل بالنعل فهما كما قال عتبة بن ربيعة :
وما منهما الا يعاش بفضله
وما منهما الا يضر وينفع
وما منهما الا كريم مرزأ
وما منهما الا أغر سَميدع
وقد اختط لنفسه سمتا ومنهجا قوامه الصدق والشهامة والسعي في مصالح الناس والغيرة على مجتمعه وعشيرته من ان تنتهك حرماتها او تسام خطة خسف . فكان بحق كما قال عامر ابن الطفيل :
واني وان كنت ابن سيدعامر
وفارسها المشهور في كل مذهب
فما سودتني عامر عن وراثة
ابى الله ان اسمو بام ولا أب
ولكنني احمي حماها واتقي
اذاها وارمي من رماها بمنكب
كان سيد احمد ووالده اج رحمهما الله من آخر زعماء القبائل وبقية الكبار فقد طاولا ارباب المآثر الصالحات على ظهور الاعوجيات حتى كعت جيادهم وحتي غمر بحرهما نهرهم .
يجمع الناس على ما حباهما الله من مكارم ومآثر ومؤهلات قيادية نادره لكن قد لا يستوى الجميع في ادراك ومعرفة جوانب اخري من هاتين الشخصيتين ذواتي الاسرار والانوار المتعددة الابعاد .
حدثني والدي اجيد ول الشيخ ول احمد ول سيد احمد البكاي ول عبدي ول سيد احمد رحمه الله وهو رجل ثقة ثبت انه التقي في احد اسفاره بالمرحوم اج ول احمد بارض خلاء لا عمارة بها في آوكار . وسافرا معا في ركب فلما جن عليهم الليل أناخوا على كثيب . وبعد ان تناولا العشاء وشربا الشاي خلدا الى النوم . وكانت ليلة قمراء والبدر اوج تمامه .
بعد هدأة من الليل استيقظ اجيد ولم يكن اج الى جانبه على الفراش كما نام عنه . ظن انه ذهب لبعض امره ولا يفتأ ان يعود . جلس يدخن ومر وقت طويل دون عودته . قال فبدأ القلق يساورني من ان يكون مصابا بمرض او نحو ذلك . فقصصت أثره على ضوء القمر والارض كثبان بيضاء تنطبع فيها الآثار بوضوح شديد . فما زلت على اثره أنجد وأغور أصعد كثيبا واهبط آخر حتى تعبت واعيانى المسير وفي احدى صعداتي تسمرت مكاني وهالني ما رأيت . كان الرجل اسفل الكثيب في ( تاغرفه ) وهي المنخفض من الارض بين الكثبان وهو يتمرغ شادا لحيته يبكي وينتحب بحرقة ويقول :”يا ويلك يا اج امن النار” وهو يرددها مرارا ثم يقول “اليك عني ايتها الدنيا الملعونة . اليك عني . غري غيري . غري غيري” .
قال فتسللت عائدا بهدوء كي لا يشعر بي وعلمت انه ولي من اولياء الله تعالى المصروفين عن ظاهرهم المتقلبين بين الخوف والرجاء الآخذين انفسهم بشديد المحاسبة ومراقبة الله تعالى في خلواتهم حيث لا رقيب ولا حسيب الا هو .
تذكرت هذه الشهادة وانا اغذ السير بين انوجهن وتجكَجه في حمارة القيظ من ضميم الصيف يوم طلوع الدبران رفقة اخي البكاي ول الشيخ ول البار بعد ان اظلمت الدنيا لهيبا وغبارا ورياح سموم وبعد ان لجأنا لسويعات الى خباء في ذلك الوادى اذ لم نعد نتبين معالم الطريق والسيارة معطلة التكييف فان فتحنا الزجاج شويت وجوهنا وان اغلقناه نضجت منا الجلود .
هدف رحلتنا السلام على رئيس الجمهورية واستقباله حيث سيزور الولاية من غده الباكر .
قلت لرفيقي اني حديث عهد بمعرفة النائب سيد احمد ول اج عن قرب حيث جمعتني واياه الجمعية الوطنية منذ اسابيع فقط لكنني اكتشفت فيه شهامة ونبلا . وقلت ان اكثر ما شدني اليه ولفت انتباهي عبارة قالها لي ذات حديث وهي ما زالت ترن في اذنيٌ . قال : اكره ما اكره الكذب . ثم صمت قليلا واردف ” آنا كَاع امنين نكذب نحكَر نفسي . وحد عاد حاكَر راصو وفات اخبارو” . من حينها علمت ان لهذا الرجل سرا .
مرة حدث سوء فهم بيني واحد الزملاء المدراء وهو من خؤولته وما ان علم بذلك حتى جمعنا وامرنا ان نكون اخوة اشقاء متكاتفين والا نعود لمثل هذا ابدا ونزع فتيل الازمة بحب واريحية عجيبين .
قلت لرفيقي بعد ان قصصت عليه شهادة الشيخ الوالد رضي الله عنه اني ممتحن سيد احمد ان كان له حظ من ولاية ابيه . قال رفيقي بم ؟ قلت ان كان وليا ومن اهل الكشوفات فسنجده عند وصولنا تجكَجه على الفور ولا ينتهي السلام حتى نسقى شرابا باردا لذيذا يطفئ ظمأنا ويروي غلتنا ثم نجد ماء باردا وصابونا للاستحمام ولا نغير ثيابنا الا وأفشاي الكبده ولكَناديز بين ايدينا وشايا منعنعا وركَتو زينه واقامتو زينه .