وسط أروقة المحاكم ودفاتر القانون، يروي الأستاذ بونا ولد الحسن، نقيب المحامين الموريتانيين، حكاية مسيرة طويلة حمل خلالها لواء الدفاع عن القضايا العادلة. حياة مفعمة بالتحديات، لكنها دائمًا كانت مشدودة بحبل الأمل، وموجهة ببوصلة العدل.
في مقابلة خاصة لـ”قبس الإخباري”، يستعرض النقيب محطات رحلته الأخيرة إلى المغرب، للمشاركة في اجتماع اتحاد المحامين العرب، العاشر من الشهر الجاري.
والتي وصفها بأنها امتدادٌ لروح العمل القانوني المشترك، ومسعى لتعزيز جسور التعاون بين نقابات المحامين في العالم العربي. يقول واصفا قدومه إلى المغرب “وصلتُ إلى الدار البيضاء حيث حظيتُ باستقبال دافئ من زملائنا هناك أشعرني كأنني بين أهلي ووطني.”
الزيارة لم تكن مجرد حضور اجتماعي؛ فقد رافقه وفد رفيع ضم شخصيات بارزة، من بينها الأمين العام لوزارة العدل، الذي يشرف على برامج تطوير العدالة، والأستاذ حمود سيد أحمد، منسق برنامج الـPNUD، الذي يتولى الرقمنة في المحاكم.
يردف:“لقد كانت فرصة ذهبية للتعرف عن كثب على تجربة مهنية متقدمة ، والاستفادة من النموذج الذي حققته الدار البيضاء والرباط في تطوير قطاع العدالة.”
وفي حديثه عن الكواليس، سلط النقيب الضوء على دور الدكتورة عيشة السالمة، التي وصفها بأنها “عين الرحلة وقلبها النابض”، حيث تكفلت بتوثيق الملاحظات وإعداد تقارير دقيقة بهدف استلهام التجارب الرائدة، بحسبه.
حين انتقل الحديث إلى مراكش، اتسعت ملامح الحكاية لتروي تفاصيل مشاركة النقيب في اجتماع المكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب. يحكي لنا: “كانت لحظة مفصلية، ليس فقط لمناقشة التحديات القانونية، بل لتوجيه رسالة بالغة الأهمية حول ضرورة العمل الجماعي، وتشكيل جبهة قوية تعيد للأمة إرادتها المغتصبة.”
ورغم أن السياق كان استثنائيًا، إلا أن النقيب رفض وصف المرحلة بذلك، قائلاً: “الحقبة بأكملها استثنائية، وما نعيشه اليوم يتطلب منا وقفة تأمل وعمل موحد، لأن الانتصار للحق والعدل لا يأتي عبر الفرقة.”
وفي حديثه عن أهمية المحافل الدولية، أشار إلى نجاح الوفد في كسب تأييد أصوات حرة. “إنها ساحات معركة لا تقل أهمية عن المرافعات القضائية، حيث نتمكن من إيصال قضايانا إلى أصحاب الضمائر الحية.”
اختتم النقيب رحلته بزيارة الأضرحة “سبعة رجال” في مراكش، التي وصفها بأنها لحظة تأمل في مجد التاريخ، وقال: “شعرت أنني أستنشق عبق الأندلس وأسمع صدى المرابطين في أرجاء الحمراء.”
عائدًا إلى وطنه، موريتانيا، التي وصفها بأنها “الموقع الحضاري الذي كان يمتد مجده من الأندلس إلى أعماق إفريقيا.” “إنه إرث نفتخر به، وعلينا جميعًا أن نواصل العمل لاستعادته في صورة تعكس أصالة ماضينا وحيوية حاضرنا.”